فلسطين أون لاين

تقرير التهديد بتطبيق قرارات "المركزي".. السلطة تُلوِّح بـ "مسدس فارغ"

...
جانب من اجتماع المجلس المركزي الأخير في شباط 2022 (أرشيف)
رام الله-غزة/ يحيى اليعقوبي:

بعد ختام اجتماع المجلس المركزي في 9 فبراير/ شباط الماضي، والذي شهد مقاطعةً وطنية واسعة له، قرر المجلس المركزي لمنظمة التحرير، "تعليق الاعتراف" بـ (إسرائيل) وإنهاء التزامات السلطة بكل الاتفاقيات معها لحين اعترافها بدولة فلسطينية عاصمتها القدس على ما يعرف بحدود 4 يونيو/ حزيران 1967،.

لم يتوقع أكثر المتفائلين فلسطينيًا أن تنفذ السلطة تهديداتها تلك استنادًا إلى التجارب السابقة، فسبق وأن اتخذها المجلس المركزي خلال اجتماعات في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، ولم تنفذ منذ حينه، وقبل ذلك اتخذت القرارات ذاتها عام 2015 ولم تنفذ أيضًا.

في كل مرة يكلف المجلس المركزي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بـ "العمل على وضع الآليات المناسبة لتنفيذ قراراته، وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني".

عبر هذه المصطلحات العامة يجري تسكين الشعب الفلسطيني، أو تحاول السلطة، وفق مراقبين، حفظ ماء الوجه في الأحداث المفصلية، ما أفقدها مصداقية التنفيذ وبات الاحتلال والولايات المتحدة لا يأخذان تهديداتها على محمل الجد.

آخر هذه "التهديدات" أطلقها رئيس السلطة محمود عباس خلال اجتماع عقد في رام الله، مع وفد أمريكي برئاسة مساعد وزير الخارجية، يائيل لامبرت، الخميس الماضي، ولوح خلاله بوقف كل الاتفاقيات مع (إسرائيل)، وتعليق الاعتراف بها، وذلك بعد أيام على إلغاء اجتماع لقيادة السلطة لدراسة التصعيد في القدس والمسجد الأقصى.

لا حصر لعدد المرات التي هدد فيها عباس خلال السنوات الماضية بإنهاء التعاون الأمني أو الانسحاب من الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال، لكن المؤكد أنه لم يجرِ تنفيذ أي منها على الأرض، فيما يؤكد مراقبون لصحيفة "فلسطين" أنه بات أكثر عجزًا من تنفيذها مستقبلا، بسبب وجود فئة متنفذة في السلطة مستفيدة من بقاء الوضع على حاله.

لا يوجد جدية

ورأى الكاتب والمحلل السياسي، طلال عوكل، أن المسألة أصبحت مفهومة للمواطن الفلسطيني؛ أنه لا يوجد جدية في تنفيذ القرارات من قبل السلطة لأنها اتخذت القرارات كثيرا دون تنفيذ.

وقال عوكل لصحيفة "فلسطين"، "إن هناك صعوبة في تنفيذ القرارات، لكن لا يجوز أن تظل أداة للتهديد، لأن التطورات السياسية على الأرض تستوجب تنفيذ على الأقل بعض القرارات التي تلوح بها حتى يكون هناك مصداقية، وحتى يشعر الاحتلال بوجود جدية لديها.

وأضاف أن السلطة توظف التهديدات بشكل خاطئ، ولم تعد لا دولة الاحتلال ولا أمريكا تهتم في التعامل معها، مشيرًا إلى أن سياسة الاحتلال في الضفة استيطانية توسعية وتقف في ظهرها أمريكا، ولا يوجد أمل أمام فتح الطريق للعمل السياسي مع السلطة مما يستوجب تنفيذ القرارات.

فيما يقول الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي، إن السلطة لا ترغب في تنفيذ قرارات "مركزي المنظمة"، وهذا ما وكان واضحا من خلال سياسات السلطة منذ عام 2010، عندما توقفت المفاوضات مع الاحتلال بعد مجيء حكومة بنيامين نتنياهو على أنقاض حكومة "أولمرت".

وأضاف عرابي لصحيفة "فلسطين"، أن السلطة وقياداتها كثيرًا ما تلوح بقرارات جوهرية لم يجر تنفيذها، مشيرًا إلى أنه بعد عام 2015 أخذت التهديدات تتبلور في صيغة قرارات تتمثل بإلغاء الاعتراف بـ (إسرائيل) ووقف التنسيق الأمني على مستويات متعددة وعدم التزام تنفيذ اتفاق "أوسلو".

بالرغم من أن مشروع التسوية متوقف وهو الذي برر وجود السلطة، إلا أنها وكما –أشار عرابي– لم تنفذ أيًا من القرارات السابقة، رغم مجيء إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والتي وجهت ضربات قاسية للقضية الفلسطينية تزامن معها حملة تطبيع من بعض الأنظمة العربية مع الاحتلال.

تهديدات متناقضة وفارغة

ورأى عرابي أن الغريب في الأمر أن السلطة اتخذت قرارات متناقضة، ففي وقت تهدد فيه بالانسحاب من قرارات الشرعية الدولية تشترط على حركة حماس الاعتراف بهذه القرارات، وكانت هذه الشروط سببا لعدم تحقيق المصالحة وإلغاء عباس الانتخابات التشريعية والرئاسية التي كانت مقررة العام الماضي.

إضافة لذلك "بالغت" قيادة السلطة، تبعًا لعرابي، في وقت لاحق في ممارسة الاعتقال السياسي وتقييد المجال العام في الشارع الفلسطيني، في وقت تستمر لقاءات قياداتها المتعددة بطابع أمني واقتصادي مع قادة جيش الاحتلال، وكل هذه السياسات تتعارض مع قرارات "مركزي المنظمة".

ويعتقد أن السلطة أصبحت هدفًا بعدما انتهى مشروعها السياسي لنخبة سياسية مستفيدة من بقاء الأمر الواقع على حاله، ومصالح النخبة ليست معنية باتخاذ قرارات تفتح المواجهة مع الاحتلال.

لكن عضو المجلس الوطني عصمت منصور، قال إنه كان ينبغي تنفيذ قرارات "المركزي" للتصدي للهجمة الإسرائيلية على القضية الفلسطينية في ظل حالة التهميش وانسداد الأفق السياسي.

وأضاف منصور لـ"فلسطين"، أن التهديدات التي تطلقها السلطة أصبحت فقط للتلويح وفارغة من أي مضمون، باعتبار أن الجميع يدرك أن عباس لا يملك قوة سياسية لا داخلية ولا خارجية، وهو شخص عمليا أصبح ضعيفا يعيش نهاية عهده ولا يتوقع منه أن يقوم بخطوات بعدما قام بتهميش المؤسسات الفلسطينية وألغى الانتخابات.

ووصف تهديدات عباس بأنها أشبه بـ "مسدس فارغ من الرصاص" يستخدمها لأنه لا يملك شيئا، بالتالي أصبحت سياستها ليست الصدام مع الاحتلال بل المفاوضات وهذا نابع من رغبة المتنفذين فيها والمستفيدين من بقاء الوضع على حاله.