تواجه القدس المحتلة هذه الأيام إجراءات تعسفية صارمة من قبل الاحتلال الصهيوني، وذلك على إثر عملية الأقصى الفدائية التي نفذها ثلاثة شبان من أبطال فلسطين الأوفياء من أبناء مدينة أم الفحم، وقلبت كيان العدو الصهيوني، وأعادت البوصلة إلى القدس والأقصى لتواصل انتفاضة القدس المباركة مسيرتها، ولتعلن مرحلة جديدة من العمليات الفدائية ضد الاحتلال في قلب مدينة القدس تركز على الاشتباك العسكري من نقطة صفر مع الجنود وقطعان المستوطنين.
إن قوات الاحتلال الصهيوني تشدد الحصار والإغلاق المتواصل أكثر على القدس والمسجد الأقصى، وأول مرة منذ نحو نصف قرن يغلق المسجد الأقصى أمام المصلين، ويمنع المسلمون من أداء صلاة الجمعة، فاضطر المقدسيون إلى إقامة صلاة الجمعة في شوارع وحارات القدس.
لابد أن يستيقظ العرب من سباتهم العميق، وانشغالهم في خلافاتهم الداخلية، لأن ما يحدث في القدس مؤلم وموجع؛ فعملية الأقصى أعادت المواجهة مع الاحتلال إلى باحات الأقصى وميادينه، لتذكر العرب والمسلمين بجرائم الاحتلال المتواصلة في القدس، ولتكشف جرائم الصهاينة وفسادهم في القدس بالمهرجانات الماجنة والحفلات الراقصة، واستمرار التدنيس اليومي لباحات الأقصى.
إن العملية الفدائية في باحات الأقصى جاءت في وقت دقيق وحساس، أكدت فيه استمرار نهج المقاومة في مواجهة جرائم وسياسات الاحتلال بحق القدس، وأكدت أن خيار "السلام" الهزيل والمفاوضات العبثية مع الكيان خيار فاشل، ولم يحقق أي إنجاز للقدس والأقصى.
إن العدو الصهيوني يواصل جرائم التهويد في القدس المحتلة، وبناء المئات من الوحدات الاستيطانية، وبناء الجسور لربط المستوطنات فيها، ويواصل تخريب عمران القدس وحضارتها الشامخة، ولم يتبق للفلسطينيين شيء سوى القليل القليل في القدس، وسط مشاريع الاستيطان والتهويد الكبيرة التي ينفق عليها الكيان المليارات من الدولارات، من أجل استكمال مخططات هدم المسجد الأقصى لإقامة الهيكل المزعوم.
إن عملية الأقصى البطولية هذه الملحمة ضد الجنود الصهاينة وقطعان المستوطنين هي استمرار لانتفاضة القدس التي انطلقت من البلدة القديمة عام 2015م، وفشلت كل محاولات العدو وأعوانه لإجهاضها وإفشالها، فأوقفت هذه الانتفاضة مشاريع تقسيم القدس، وأهمها التقسيم الزماني والمكاني للأقصى.
جاءت رسالة عملية الأقصى البطولية لتأكيد المضي قدمًا في المقاومة، ومواصلة انتفاضة القدس على برنامج المقاومة والتحرير، والقادم في المواجهة أصعب على الكيان، ولن ينعم العدو والمستوطنون بالأمن والأمان، والقدس تعيش تحت حصار يومي على مدار الساعة، وسط إصرار الشباب الفلسطينيين المنتفضين في القدس على حماية المسجد الأقصى من انتهاك الاحتلال بأرواحهم وأجسادهم الطاهرة.
إن الاحتلال يشدد هذه الأيام حصار القدس، وقد استغل هذه العملية ليوغل في جرائمه بالقدس، حيث زاد عدد قواته العسكرية داخل باحات المسجد، وسرق مفاتيحه، وأحكم قبضته على البلدة القديمة، وأغلق المحال التجارية، وقام بحملات تفتيشية صارمة شملت المكتبة ومراكز التحفيظ في الأقصى، وركب كاميرات سرية داخل الأقصى، وعزز الكاميرات العلنية في باحاته، وركب أبوابًا إلكترونية عند مداخله، لتشديد عمليات التفتيش عليها.
الاحتلال يسعى بإجراءاته العسكرية إلى فرض سيطرته الكاملة على المسجد الأقصى وفرض واقع جديد فيه، وهو يسير على وفق خطط مدروسة معدة سلفًا، وإنه عاث في المسجد فسادًا وعبث بالكثير من الوثائق التاريخية الهامة وأتلفها، وفرض عقوبات جماعية على أهلنا المرابطين في مدينة القدس.
لدى الاحتلال خطة محكمة ومدروسة لفرض واقع جديد على المسجد الأقصى، والسيطرة الكاملة عليه، وتمكين الجنود وقطعان المستوطنين من الوصول بسهولة إلى باحاته، في حين الفلسطينيون من الضفة المحتلة وقطاع غزة يمنعون منذ أكثر من 20 عامًا من الصلاة في المسجد الأقصى، وسط تشديد الحصار والخناق على أهلنا في الداخل المحتل، لمنعهم من الصلاة في الأقصى، ومنعهم من إقامة مهرجانات الدعم والمساندة للقدس والأقصى المبارك.
القدس المحتلة تواجه وحدها جرائم الاحتلال وسياسات الحصار الجائر والإغلاق المتواصل، ومنع الأذان والصلاة في الأقصى، وهنا يجب على العرب والمسلمين الخروج عن صمتهم تجاه ما يحدث في القدس، وتكثيف الدعم والمساندة للقدس وأهلها الذين يواجهون بصدورهم وأرواحهم سياسات التدمير الإسرائيلية الممنهجة ضد القدس والمسجد الأقصى.