فلسطين أون لاين

قلق إسرائيلي من ضغط الشارع الأردني بسبب أحداث "الأقصى"

لم تتوقف نتائج المواجهات الدائرة في المسجد الأقصى بين المرابطين الفلسطينيين وقوات الاحتلال وقطعان مستوطنيه على الوضع الفلسطيني الداخلي، فقد أدى تصاعد التوتر خلال شهر رمضان، والاشتباكات في المسجد الأقصى إلى تطورات متناقضة على صعيد العلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية والإسلامية، ولا سيما مع الأردن.

ففي الوقت الذي شهدت فيه الأردن دعوات برلمانية وشعبية للتنديد بانتهاكات الاحتلال في المسجد الأقصى، فقد تمثل الموقف الرسمي ماراثونا لافتاً من المكالمات الهاتفية مع عدد من قادة المنطقة، وحراكا دبلوماسيا غير مسبوق، مع عدد من العواصم، للتعبير عن قلقه من الاستفزازات الإسرائيلية، وخشيته من تراجع وصايته على الأماكن المقدسة التي يراها ورقة سياسية رابحة له، داخليا وخارجيا.

ليس سرا أننا أمام تحركات أردنية واضحة تجاه ما يشهده المسجد الأقصى من تطورات متلاحقة، دون القدرة على التنبؤ بمآلاتها في كثير من النواحي، لأن الأردن حساس وقلق للغاية بشأن كل ما يحدث في المسجد الأقصى من ثلاثة عوامل رئيسة، أولها دوره الخاص فيما يتعلق بالأماكن المقدسة في القدس المحتلة، وفقا لما هو مقر في اتفاقية التسوية بينهما في 1994، ونصت على أن إسرائيل تحترم الدور الخاص للمملكة في الأماكن المقدسة الإسلامية في القدس، وعلى إعطائها أولوية قصوى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن المقدسة.

في الوقت ذاته فإن قدرة الأردن على إحداث تأثير حقيقي فيما يحدث على الأرض محدودة ومعقدة، في ضوء كثرة الجهات الفاعلة على الأرض في المسجد الأقصى والقدس المحتلة، وهو يخشى تآكل مكانته الخاصة أمام جهات فاعلة أخرى تتحضر لأخذ دور متقدم في المدينة المقدسة، خاصة عقب اتفاقات التطبيع.

عامل آخر ترصده دوائر الاحتلال لطبيعة الموقف الأردني تجاه أحداث الأقصى، ما تصفها العلاقة الحساسة والمعقدة بين الأردن والسلطة الفلسطينية، خاصة عند الحديث عن الثقل الهائل للموضوع الفلسطيني داخل المملكة، ولا عجب أن الدولة العربية الوحيدة التي عبرت مرارًا وتكرارًا عن قلقها إزاء عدم الحوار السياسي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وتنفيذ رؤية حل الدولتين، هي المملكة.

لا تخفي الأوساط الإسرائيلية إحباطها أن أحداث الأقصى تزامنت مع تحسن تدريجي للعلاقة مع عمان بعد سنوات طويلة من التوتر الذي ساد مع تل أبيب زمن الحكومة السابقة التي قادها نتنياهو، وفور تشكيل الحكومة الجديدة تمت استعادة الثقة بينهما، لكن الخطاب الشعبي القاسي الذي يُسمع من الأردن، الذي لا يبدو لطيفًا لآذان الاحتلال، قد يشكل مصدر قلق كبير له، على اعتبار أن الحكومة لن تستطيع كبح جماح الزخم الجاري في الشارع الأردني، وفي الساحة السياسية والبرلمان، ما قد يعيق اتخاذ إجراءات ميدانية لاستئناف تطبيع العلاقات بين عمان وتل أبيب، رغم مصالحهما الإستراتيجية المشتركة.