فلسطين أون لاين

انتكاسات الاحتلال الديبلوماسية عقب فشله الأمني

رغم حيازة الاحتلال لإمكانيات ميدانية وعسكرية وشرطية هائلة، يستخدمها في الاعتداءات على الفلسطينيين بين حين وآخر، وهو ما تكرر في الآونة الأخيرة في المسجد الأقصى، وبصورة فجة وسافرة، لكنها في الوقت ذاته تلجأ لذات الإمكانيات والوسائل، لكن على الصعيد الإعلامي والدعائي والدبلوماسي، من أجل تبرير هذا السلوك العدواني، وشرعنته، ولم يعد سراً بعد أيام من اندلاع هذه الأحداث في الأقصى أن الاحتلال أخفق هذه المرة في تحقيق مشروعية عدوانه على المقدسيين، بدليل خروج مظاهرات واحتجاجات حول العالم تندد بالعدوان، وتطالب بوقفه، وتعلن عن تضامنها مع الفلسطينيين.

بدا واضحاً أن آلة الدعاية الإسرائيلية أخفقت في تقديم رواية مقنعة للمجتمع الدولي في مصداقية استفزازاتها للفلسطينيين في أقدس مقدساتهم، لا سيّما عقب الصور التي خرجت من قلب الأقصى ورحابه وساحاته، رغم سعي الاحتلال لتغييب الصورة الصادرة من هناك.

وبقدر الجهد الحثيث الذي بذلته الديبلوماسية الرقمية الإسرائيلية في عواصم صنع القرار الدولي، لكنها أخفقت في ترويج روايتها، لا سيّما مع خروج شهادات مقدسية من قلب داخل الأقصى، من حيث انتهاك الاحتلال للمقدسات، وحرمان الفلسطينيين من ممارسة شعائرهم التعبدية في شهر رمضان.

لقد أصيب الاحتلال بإحباط لا تخطئه العين من مشاهدته في مختلف عواصم القرار العربي والإسلامي والغربي لمظاهرات واعتصامات تندد بالعدوان على الأقصى، وتتضامن مع المقدسيين، وقد تجاوز ذلك المستويات الشعبية والجماهيرية إلى الأوساط الرسمية والدبلوماسية، وصل ذروته في حراك دبلوماسي وصل إلى مقر الأمم المتحدة من خلال الدعوة لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، بعد ظهور أزمات دبلوماسية متلاحقة بين الاحتلال من جهة، وروسيا والأردن من جهة أخرى، مما شكل انتكاسة ديبلوماسية إسرائيلية أربكت حساباته الميدانية.

على الصعيد العربي، صحيح أن المواقف الرسمية جاءت في أدنى مستوياتها، واقتصرت على المطالبات الروتينية بوقف العدوان على المقدسيين، والانتهاكات في القدس والأقصى، مع خروج مسيرات جماهيرية عربية في داخل العواصم العربية.

في الوقت ذاته، يرقب الاحتلال معرفة تبعات عدوانه على الأقصى على العلاقة مع دول التطبيع، وخشيته أن يؤثر سلباً على الاتفاقيات الأخيرة، مع صدور مواقف عربية رسمية من بعض الدول المطبعة التي لم تستطع مقاومة الضغوط الداخلية لديها، برفض العدوان الإسرائيلي الحاصل.

فضلا عما تقدم، فإن أحداث الأقصى على مدار الساعة، وإن لم تقدم مؤشرات ميدانية على وقف مسيرة التطبيع العربية الإسرائيلية مع دول أخرى، لكن تزامن هذه الأحداث مع حالة عدم الاستقرار السياسي الإسرائيلي الداخلي، وإمكانية سقوط الحكومة بسبب تطوراتها الداخلية، فضلا عن تنامي الضغط الدولي والعربي الرافض للسلوك العدواني الإسرائيلي ضد القدس والأقصى، كل ذلك يقدم إشارات واضحة أننا أمام إخفاق دبلوماسي وفشل سياسي واضحين!