"يتوقف على اليهود أنفسهم أن يبقى هذا الكتيب السياسي مجرد خيال سياسي، وإذا كان الجيل الحالي بهذا القدر من الفتور بحيث يعجز عن فهم هذا الكتيب على النحو الصحيح، فسينهض في المستقبل جيل أفضل وأحسن يستطيع فهمه".
ما سبق هو إجابة عن سؤال افتراضي طرحه "ثيودور هيرتزل "مؤسس الحركة الصهيونية في كتابه الدولة اليهودية، والذي وضع فيه رؤيته وما يتمناه وما سيجتهد لتنفيذه في الدولة التي ستجمع شمل اليهود من صقاع الأرض، إلى فلسطين.
قد يسأل سائل، وما علاقة ذلك بالعنوان؟
مما هو معلوم أن الأمل هو الوقود الذي يحرك صاحب الحق لأن يسير في كل الدروب لاسترداد حقه، رغم عدم تكافؤ القوى، لكن شعوره بأنه صاحب حق يجعله دوماً متفائلًا.
وبما أننا -نحن الشعب الفلسطيني- هُجرنا من قرانا المحتلة عام 1948 واستوطن فيها الأغراب من كل الملل التي ليس لها علاقة بأرضنا، فقد قاومنا الاحتلال بكل شيء حتى نؤكد للعالم بأننا أصحاب حق، والأرض لنا، وإننا لها عائدون.
ولقد انبرى الكثير من الشعراء والكتاب والمنشدين للتطرق لهذا الأمل في كتاباتهم، فغنت فيروز "سنرجع يوماً إلى حينا"، وكتب الأديب المناضل الفلسطيني غسان كنفاني "عائد إلى حيفا"، وغنى عبد الفتاح عوينات "إحنا راجعين بعون الله وما نرضى الوطن البديل"، وكأنهم يرون العودة رأي العين، وهذه هي فلسفة الكتابة والقصيدة والنشيدة، بأن تجعل المستحيل سهلاً وتشحن نفوس الناس بالأمل لمواجهة اليأس.
إن عودتنا لفلسطين، وعودة فلسطين لنا هي مسألة وقت، وهي قبل كل شيء حتمية قرآنية، وهذه الفكرة قد تبدو للبعض نوعًا من الخيال كما قال بعض اليهود عن رؤية هيرتزل، خاصة في ظل اختلال موازين القوة المادية لصالح الاحتلال الآن، لكن القوة المادية لم تكن يوماً أهم أسباب النصر، ألم يقل ربنا عز وجل: "فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب"؟
عطفا على ما سبق، فخلال الفترة الماضية لفت انتباهي عدة أحداث بهذا الخصوص، هي:
1_ تنسيق وزارة الحكم المحلي مع أهالي القرى الذين هجروا من فلسطين عام 1948 للبدء بتشكيل مجالس قروية لتتسلم مقاليد إدارة القرى الفلسطينية بعد التحرير، وقد كان لي شرف الإشراف على هذه الفكرة مع أهالي صرفند العمار باعتباري من أبناء القرية.
2_ تنفيذ وزارة الأوقاف برنامجًا يعرض على فضائية الأقصى مسابقة لاختيار إمام المسجد الأقصى بعد التحرير، ومما أعجبني مشاركة العديد من المسلمين من داخل فلسطين وخارجها.
وربما وجب التعريج على نظرية الشيخ بسام جرار التي تقول بأن زوال (إسرائيل) سيكون في عام 2022، وقد اعتمد في نظريته على حساب الجُمّل، فهذه نظرية لاقت إعجاباً من جماهير كثيرة، وبغض النظر عن مدى إمكانية وقوع هذه النظرية في زمنها المحدد أو لا، فإن مما لا جدال فيه أن زوال دولة الاحتلال أمر لم يعد مستحيلاً.
إن هذا الأمر يقلق الاحتلال بشكل قوي خاصة أنهم أنفسهم يؤمنون بأن دولتهم ستزول، وأستذكر هنا ما قاله نتنياهو رئيس الوزراء السابق في ذات ندوة دينية عقدها في بيته، بأن مملكة الحشمونائيم اليهودية نجحت فقط 80 عاما، وأنه يعمل على ضمان أن دولة "إسرائيل" سوف تنجح هذه المرة والوصول إلى 100 سنة.
لذا علينا أن نزرع الأمل في نفوسنا بأن تحرير فلسطين قادم لا محالة، وليس وهماً كما يظن الضعفاء، فمن استوطن في بيت غيره رغماً عن صاحب البيت، سيخرج منه مذموماً مدحوراً مهما امتلك من القوة المادية،
وسنرجع الى بلادنا، وسأكتب" عدتُ إلى صرفند العمار"