فلسطين أون لاين

النباتات الضعيفة تستند إلى أخرى مقاومة لأمراض التربة

تقرير تطعيم أشتال الخضار..تقنية زراعية يابانية تزدهر بغزة

...
عملية تطعيم أشتال الخضار
غزة/ يحيى اليعقوبي:

بحذرٍ يمسكُ المهندس نعيم مرضي، شتلة بطيخ بعدما جرح ساقها ليركبها بهدوء على ساق شتلة القرع، ويثبتها بواسطة مشبكٍ بلاستيكي، ثم يغرسها في صندوق إسفنجي أبيض مليء بالمربعات، يحتضن كل مربع شتلة واحد.

تسمى هذه الطريقة بـ”بتطعيم أشتال الخضار” وهو أسلوب زراعة حديث وفكرة مستوحاة من اليابان تزدهر وتنمو في قطاع غزة، أثبت نجاحه في تطعيم البطيخ والشمام والخيار مع القرع.

بينما يضع نعيم الصندوق الإسفنجي على يسار الطاولة التي يجلس أمامها داخل المختبر، يواصل بهدوء وبطء أخذ الأشتال المفرودة عن يمينه وتركيب جرح ساق شتلة البطيخ على جرح ساق شتلة القرع بعدما يقص الساقين بزاوية تسعين درجة مئوية، ثم يثبتهما بمشبك بلاستيكي ويغرس الشتلة بالتربة داخل الصندوق.

تتلخص فكرة التطعيم، بتركيب صنف من النباتات على صنف آخر من نفس العائلة النباتية، لكنها يتمتع بخصائص وصفات أكثر مقاومة وقدرة على مواجهة ظروف التربة والإنبات، ووجد المزارعون في غزة أن تطعيم النباتات الضعيفة التي لا تقاوم أمراض التربة يكون بتقويتها بنباتات أخرى أكثر مقاومة وتحملًا كالقرع.

عملية ليست سهلة

قد تبدو هذه العملية التي تعد أولى مراحل إنتاج تطعيم الخضار سهلة، لكن في الحقيقة هي عملية معقدة يشرحها نعيم بعد أن أوقف عملية تركيب الشتلة التالية قليلًا: “عندما نقوم بقص أصل الشتلة وجرح ساقها نزيل البراعم منها حتى لا ينمو نفس الأصل، وذلك عبر خطوات معينة وحساسة يجب أن نكون متيقظين ومنتبهين لها”.

أمسك ساق شتلة بطيخ ويشرح فكرته أكثر “هذا البرعم عبارة عن غشاء يجب إزالته تمامًا، ولو قمت بقصه بطريقة خاطئة سينمو القرع وليس البطيخ”.

يزيد عليه م.أحمد حمودة والذي دخل في أطراف الحديث، بأن التطعيم يحتاج إلى خبرة ومعرفة بعلم النبات، ومراحل نمو الشتلة، كم تحتاج رطوبة وحرارة وليس مجرد تركيب، كذلك يجب التأكد من أن شتلة البطيخ خالية من الأمراض وسليمة الأوراق.

عثر المهندس على شتلة تالفة بين أكوام أشتال مفرودة أمامه على الطاولة، ساعدته في إيصال الفكرة لنا “هذه شتلة مريضة، بالتالي لا يمكن وضعها على الطعم”، إضافة لذلك يحتاج المطعم، إلى التركيز واتقان وضع زاوية الجرح على الأخرى، ووضع المشبك بطريقة صحيحة بحيث يكون الضغط متساويًا بين الطعم والأصل حتى لا يتلف الساق، وهذا له علاقة بأساسيات مختلفة يجب أن يدركها المهندس.

في هذه الزاوية داخل المختبر قام نعيم والمهندسون بزرع 25 صندوقًا منذ ساعات الصباح.

فترة حضانة

الخطوة التالية لما يحدث بعد الانتهاء من وضع الأصل على الطعم في صناديق إسفنجية يوضحها المهندس الآخر محمد حسونة والذي يجاور زميليه، بأنهم يقومون بوضع الصناديق في حاضنة تشبه الثلاجة بها جهاز لقياس الرطوبة ودرجة الحرارة، بحيث يتم وضع الصناديق فيها لمدة ثلاثة أيام يحدث فيها التحام ما بين جرح الطعم وجرح الأصل، توضع بمكان معتم لا يوجد فيه إضاءة.

بعد ذلك تفرد الصناديق داخل حضانات خارجية وهي عبارة عن حمامات زراعية كبيرة المساحة وتبقى فيها لمدة عشرة أيام تتأقلم فيها الشتلة على المناخ الخارجي من ناحية الضوء وماء الري ثم تصبح جاهزة بعد ذلك لتسليمها للمزارعين.

يبدأ موسم تطعيم الخضار من منتصف نوفمبر/ تشرين ثاني حتى منتصف إبريل/ نيسان، وأثبتت طريقة تركيب البطيخ على القرع نجاعتها إضافة لتركيب الشمام والخيار على القرع.

حسب حسونة، فإن شتلة القرع ناجحة لأنها مقاومة لأمراض التربة ولا تحتاج إلى أسمدة وأدوية كذلك تعطي انتاجية عالية من ناحية العدد ووزن المنتج، وهذه الطريقة في التطعيم أفضل من زراعة بذرة البطيخ بمفردها كونها ستحتاج إلى جهدٍ كبير، منبهًا، أنه لا يوجد علاقة بين تطعيم الخضار وحلاوة مذاق البطيخ الذي يشتكي منه المواطنون أحيانًا.

تبلغ مساحة المشتل الذي يملكه محمد اللوح خمس دونمات، ويعمل بتقنية تطعيم أشتال الخضار أصول على طعوم، وتكون هذه الطريقة آمنة للمستهلك، وتعطي جودة انتاج عالية للمزارع ولا تكلف كثيرًا.

يقول اللوح لـ “فلسطين أون لاين”، إنه عندما تنقل صناديق الأشتال للحاضنة الخارجية، توضع على درجة حرارة من 22-25 درجة مئوية، فيما تصل الرطوبة من 90-95 درجة، وبعد عشرين يومًا يتم نقل الأشتال للمزارعين.

يفيد أيضًا، أنهم يقومون بتوريد مليون شتلة في الموسم لشمال وجنوب القطاع، تبلغ نسبة نجاح زراعتها 95%، مشيرًا، إلى أن مشتله أحد ثلاثة مشاتل تعمل في قطاع غزة بطريقة تطعيم أشتال الخضار، وهي فكرة يابانية يعمل بها اليابانيون منذ خمسة وأربعين سنة، دخل إلى القطاع قبل عشر سنوات وجرى تطويرها بواسطة خبراء من الخارج.

ويعتقد أن تطعيم الخضار أفضل من زراعة البذرة مباشرة بالتربة، بحيث توفر وقتًا على المزارعين، لافتا، أنه عندما تغرس البذور بالأرض فإنها بحاجة لشهر كي تصبح بمستوى شتلة التطعيم، بالتالي هذه الطريقة توفر على المزارع تكاليف الري والعمال خلال هذه المدة.