فلسطين أون لاين

الجبهة الداخلية الإسرائيلية تتأرجح من بئر السبع إلى الخضيرة

ما إن استفاق الإسرائيليون من صدمة عملية بئر السبع في جنوب فلسطين المحتلة، حتى أصيبوا بصدمة أخرى في الخضيرة شمالا، وأوقعت العمليتان عددا من القتلى والجرحى، وتسببتا بشعور سائد لدى الجبهة الداخلية الإسرائيلية، في قلب دولة الاحتلال، بأنها باتت مستهدفة من جديد من قوى المقاومة.

أعادت عمليتا بئر السبع والخضيرة إلى أذهان الإسرائيليين ما عاشوه من آثار بعيدة المدى على الداخل الإسرائيلي، وجدت ترجمتها على أرض الواقع من خلال بحث الكثيرين منهم عن أماكن ودول وأراضٍ أكثر أمناً، بعد أن تحول العيش في دولة الاحتلال إلى كابوس مرعب لا يطاق، دفعت بأعداد منهم للهجرة خارجها، رغم أن "إسحق رابين" وصفهم ذات مرة بأنهم "نفاية الضعفاء"، في ضوء أن الهجرة للخارج كانت تعد إلى أمد قريب من المحرمات الكبرى في المجتمع الإسرائيلي، لكنهم كانوا يبحثون عن ملاذ تحسبا ليوم عاصف.

اتضح ذلك بصورة أكثر إبان موجة العمليات الاستشهادية في عقد التسعينيات من القرن الماضي، والعقد الأول من الألفية الثالثة، حين تجول الموت بشوارع الإسرائيليين، ويأخذ بطريقه من رأى من المستوطنين، شذاذ الآفاق، سارقي الأرض، ومغتصبي المقدسات، وها هي الخضيرة اليوم تعود لسابق عهدها.

لقد تسببت عمليتا بئر السبع والخضيرة خلال أقل من أسبوع بانتشار أجواء مقلقة اعتقد الإسرائيليون أنهم غادروها منذ سنوات طويلة، لكنها عادت إليهم من جديد، وأهمها الفزع، الخوف، الهستيريا، الإحساس بالعجز، القلق، الخوف من الغد، ولسان حالهم يقول: "صحيح أننا نحب هذه البلاد، لكننا قد لا نقدر على التحمل، فربما يصيبنا الانهيار، في حال فقدنا الأمل، وبتنا نخاف من نشوب حرب كبرى، ونخاف على مصير أولادنا، فماذا نفعل؟".

لقد تزامن اندلاع هجومي بئر السبع والخضيرة مع زيادة التحذيرات الأمنية الإسرائيلية من تنامي العمليات الفدائية، خاصة عشية قدوم شهر رمضان المبارك، والخشية الإسرائيلية أن توالي مثل هذه العمليات في قادم الأيام قد يجعلهم غير قادرين على الجلوس في مقهى، كما كان الحال في سنوات وعقود سابقة، لأن المشكلة التي تواجههم أنهم طوال 74 عاما منذ قيام الدولة، لا ينجحون في ضمان أمنهم، والشعور السائد أنه لا يوجد مخرج.

الخلاصة التي يستنتجها الإسرائيليون من عمليتي بئر السبع والخضيرة، أنهم باتوا كئيبين وعاجزين، وأصبح مزاجهم يشمل مجموعة من التوقعات أبرزها: التعرض لحوادث مقيتة، والفشل في إيجاد حل، ونشوء توقعات سلبية، وكلها باتت تكون لدى الإسرائيليين شعورا جديدا اسمه "العجز المكتسب".