في روسيا (600) ألف يهودي، وفي أوكرانيا (200) ألف فقط، من مجموع سكان يقدر بـ(44) مليونًا، ولكن يهود أوكرانيا يحكمون البلاد من خلال الرئيس زلينسكي اليهودي، وعدد من الوزراء اليهود في حكومته. زلينسكي لا يخفي يهوديته، بل هو يرى في (إسرائيل) هواه ومراده. هو يقبل وساطة (إسرائيل) لأنه مطمئن للجامع المشترك بينهما، وهو سيخاطب الكنيست الإسرائيلي يوم الأحد القادم من خلال تقنية الزوم! ولست أدري لماذا لا يخاطب الكونجرس الأميركي؟! لماذا الكنيست؟!
اليهودية تجمع زلينسكي الأوكراني، وبينيت والكنيست، فهم أولياء، بعضهم أولياء بعض، وفي الأزمة الحالية يتوقع زلينسكي أن تنصره (إسرائيل)، وكذا يهود العالم. في مقطع فيديو قصير جاء على شكل نكتة وسخرية، صورة لزلينسكي يستغيث باليهود، ويرد عليه بوتين ضاحكا ومستهزئا، نحن روسيا، وانظر ما فعلت حماس وليس لها جيش (بإسرائيل)؟!
المقطع معبر، وذو مغزى، ويهدف للكشف عن جوهر العلاقة بين كييف وتل أبيب، وهو أمر لا يخفى على بوتين وغيره، ويجدر ألا يغيب هذا الكشف عن قادة التطبيع مع (إسرائيل)، فاليهودية أولا، والوطنية ثانيا، (وإسرائيل) حامية اليهود في العالم، ولو كانوا قادة دولة صناعية كبيرة كما هي أوكرانيا. ولن يرضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم؟!
ولأن اليهودية العنصرية أولا كانت أوكرانيا من أوائل الدول التي اعترفت بالقدس عاصمة (لإسرائيل)، والأخيرة تعطي المواطنة لليهودي في المطار، وتقول له هذا وطنك الأم، ويمكن لزلينسكي إذا ضاقت به السبل أن يهاجر لما يسمونه الوطن الأم! على حين تعيد (إسرائيل) المهاجرين الأوكرانيين من المطار، ولا تسمح لهم بالنزول من الطائرة، أما اليهودي فيستقبل في المطار بصفته مواطنًا إسرائيليًّا!
هذه العنصرية الدينية لا ينتقدها الغرب، ولا أميركا، على حين هم ينتقدون الدين الإسلامي، وينتقدون مثلا تركيا في أدنى توجه إسلامي لها، ويرفضون التعامل مع الأحزاب العربية ذات الخلفية الإسلامية، وهم يتعاملون مع دولة تعلن أنها يهودية، وأنها وطن لليهود!
(إسرائيل) تخطط لتهجير مليون يهودي من أوكرانيا وروسيا في هذه الفترة، وتعمل على توطينهم في الضفة الغربية، والنقب، لتقطع الطريق على كل من يفكر بدولة فلسطينية في الضفة، وهذا وجه آخر للعنصرية اليهودية، التي تقوم على طرد الفلسطيني المواطن الأصلي صاحب الأرض، وإسكان يهودي لا صلة له مكانه! إجراءات التهجير والاستيطان تجري على قدم وساق، وبشكل علني وسري، والقيادة الفلسطينية غارقة في أحلام المفاوضات، والتدثر بالغرب، الذي عجز عن نجدة أوكرانيا من الحرب والدمار! كان بإمكان السلطة أن تتقدم بشكوى وتحذير لمجلس الأمن والمنظمة الدولية ضد التخطيط الإسرائيلي، لأن التخطيط هذا يمس بشكل سلبي مفهومها للمفاوضات على أساس حل الدولتين! من يغيب عن ساحة الفعل لا يلتفت له أحد، ويكون أخسر الخاسرين!