في كل موسم نقول: "هذه البطولة إما الأفضل وإما الأسوأ"، فمع كل موسم تختلف الأمور، أحيانًا إلى الأفضل وفي كثير من الأحيان إلى الأسوأ، إذ إن مقياس تحديد ذلك مقياس واحد وهو المستوى الفني من جهة، والمستوى المادي من جهة أخرى.
وعلى الرغم من أن الوضع المالي يزداد سوءًا من موسم لآخر، بسبب انقطاع ما يسمونه "المنحة المالية الرئاسية"، وبسبب عدم مأسسة الرياضة مع الأخذ في الحسبان محاولات المجلس الأعلى للرياضة ممثلًا بالأخ عبد السلام هنية، فإن النشاط الرياضي مُستمر، ومتصاعد فنيًّا بشكل مُغاير للحالة الإدارية والمالية، وهذا ما يجعلنا نتفاءل بالمستقبل.
وبين فِكر وآخر، تختلف عملية التقييم، فبالنسبة لي، أرى أن هذه النسخة من البطولة هي الأقوى عن سابقاتها من المواسم لاعتبارات كثيرة، أهمها:
أولًا: بعمل مقارنة بين ترتيب الفرق وعدد النقاط حتى الجولة "13" من بطولات الدوري في نُسخها السابقة وعددها "14" نسخة، نجد أنها المرة الأولى التي يتساوى فيها الفريقان صاحبا المركز الأول والثاني في عدد النقاط، وهذا يعني أن المنافسة على أشدها.
ثانيًا: وبعمل مقارنة بين الجولات رقم "13" في النُسخ السابقة، نجد أن هذه النسخة هي النُسخة التي يكون فيها المتصدر أقل نقاطًا عن جميع المتصدرين السابقين، وهذا يعني أن عملية الحصول على النقاط في هذه البطولة ليس بالأمر السهل.
ثالثًا: وبعمل مقارنة في عدد نقاط الفرق التي تحتل المركز من الثاني وحتى الرابع، فإنه وعلى الرغم من أن هذا الموسم هو الأقل نقاطًا للمتصدر، فإن مُلاحقيه لم يقلوا في عدد نقاط نظرائهم في النُسخ السابقة، بل إنهم الأكثر نسبة وتناسبًا، وهذا دليل على أن المربع الذهبي يغلي.
رابعًا: بعمل مقارنة في نسبة الأهداف المُسجلة حتى الجولة "13"، بين الفرق التي تحتل المراكز الأربعة الأولى، نجد أن هذا الموسم هو الأكثر تقاربًا بين عدد الأهداف المسجلة وعدد الأهداف المُتلقاة، وهو ما يعني أن الفوارق بين فرق المُقدمة هذا الموسم هي الأقل مقارنة مع المواسم السابقة.
خامسًا: تبين من جدول ترتيب هذه البطولة ونتائجها على الأقل في الجولات الأربع الأخيرة، أن المتصدر كان يتفوق على مُلاحقيه بعدد (5) نقاط، وسرعان ما زال هذا الفارق.
سادسًا: وبعمل مقارنة في ختام مرحلة الذهاب، نجد أن هذا الموسم شهد تساوي الفرق من الثاني وحتى الخامس في عدد النقاط (18)، إذ إنها جميعها كانت تُلاحق وتنافس الشجاعية، وهذا لم يسبق أن تحقق في أي نسخة ماضية.
وربما بسبب أحداث الشغب التي اجتاحت الملاعب مؤخرًا والتي كانت المفرقعات النارية أبرزها، لما تسببت فيه من ضرر في أرضيات الملاعب صناعية العشب، ولما تسببت في إلحاق الضرر ببعض الجماهير واللاعبين والمدربين والحُكام، فإن البعض يرى أن هذا الموسم هو الأسوأ.
أصحاب هذه الرؤية مُحقون على اعتبار أنه ما دون الالتزام الأدبي والأخلاقي في الملاعب، فلا جمال يُذكر ولا تاريخ يُعاد، وما دون غياب الشغب عن الملاعب فلا قيمة فنية وإدارية للفرق وللبطولات وللألقاب، وأنا لا أختلف مع هذا التحليل كثيرًا، ولكنه تحليل من زاوية واحدة فقط لا تشمل كل زوايا المنافسة، ومن ثم فإنه تحليل منقوص وغير شامل.
لقد طغى التعصب على المنافسة في هذه النُسخة، فكل جمهور من جماهير الفرق المنافسة وخصوصًا صاحبة القاعدة الجماهيرية، لم تعد تتقبل الخسارة، ولم تعد تستوعب أن البطولة ما زالت في الملعب، وأن مواقفها السلبية على المدرجات تضر ولا تخدم فرقها، وهو ما أثبته تأثير العقوبات في الجولات الأخيرة.
أعتقد أن هذه النُسخة من البطولة ستشهد تنافسًا على اللقب من جهة، وصراعًا على الهرب من شبح الهبوط، حتى الدقيقة الأخيرة من الجولة الأخيرة رقم "22"، بمعنى لن يتم التعرف على البطل ولا على أحد الفريقين الهابطين إلا مع صافرة نهاية آخر مباراة في الدوري.
إن هذا التنافس القوي وغير المسبوق زاد وسيزيد البطولة قوة وإثارة، ولكن علينا أن نُحذر من أن التعامل بشكل غير رياضي وبروح غير الروح الرياضية من كل الأطراف، سيؤدي إلى عواقب وخيمة، وعلى الجميع بداية من الأندية وإداراتها واتحاد كرة القدم ولجانه وجهاز الشرطة وقوته في الملاعب، ألا يسمحوا لأحد بتشويه جمال صورة المنافسة، وتخريب ما بنيناه على مدار سنوات.