كما كان متوقعاً، وافق مجلس النواب الأمريكي على ميزانية قدرها مليار دولار لتمويل صواريخ منظومة القبة الحديدية لصالح الاحتلال، في إطار تحديد ميزانية الولايات المتحدة لعام 2022 والبالغة 1.5 مليار دولار، وستكون جزءًا من ميزانية المساعدة الأمنية السنوية لـ(إسرائيل)، وسيتم تقديمها لمجلس الشيوخ للموافقة عليها.
هذا التطور يعيد للأذهان تعويل الاحتلال على المنظومة، للتصدي للصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، المنطلقة من عدة جبهات، لاسيما غزة، وبين حين وآخر ينشر الجيش بطاريات من هذه المنظومة المضادة للصواريخ، وتبلغ تكلفة الواحدة 50 مليون دولار، وتتراوح تكلفة كل صاروخ ينطلق للتصدي لصواريخ المقاومة بين 70-80 ألف دولار، فضلا عن كونها كافية لإغلاق أجواء فلسطين المحتلة، وتعطيل حركة الملاحة الجوية من وإلى مطار بن غوريون في اللد عدة أيام.
تتكون كل منظومة من 20 قاعدة لصواريخ دفاعية، تنطلق لصد الصواريخ القادمة من غزة أثناء تحليقها في الجو، فيما تبلغ تكلفة الصاروخ، شاملة تكاليف إطلاقه قرابة 100 ألف دولار، ومع ذلك فقد ألحق تحدي المقاومة لجيش الاحتلال هزيمة بصناعته العسكرية، وفضح كذب روايته بفاعلية منظومة "القبة الحديدية"، وسط تكتم بمدى الخسائر التي ألحقتها الصواريخ في المناطق التي أصابتها، في إطار محاولات التكتم على عدم فاعلية نظام القبة التي روجت له في أوساط الرأي العام، على أنه المنقذ من صواريخ المقاومة التي تنطلق من غزة.
رغم مساعي الاحتلال ومؤسسته العسكرية للتكتم على هذه الفضيحة، لكن خبراء إسرائيليين كشفوا في أحاديث علنية عملية الخداع التي يمررها الجيش على الإسرائيليين والعالم، خشية المساهمة بتعميق أزمته العسكرية، وتوجيه ضربة قاصمة لصناعاته التسليحية، باعتبار "القبة الحديدية" أكبر خدعة عرفتها المنطقة، لكن الجيش يسعى لتسويقها لدول عدة على مستوى العالم، بما يعود عليه بمليارات الدولارات.
بغض النظر عن مدى واقعية تصدي القبة الحديدية أو المبالغة في فعاليتها، لكن استمرار المقاومة في استهداف الجبهة الداخلية للاحتلال، دون نجاح هذه المنظومة في إسقاطها، يعني أننا أمام فضيحة عسكرية عملياتية لا تقف عند حدود الرأي العام الإسرائيلي الداخلي الذي بات يشكك بقدرتها، بل خشية الجيش من إلحاق خسائر مالية كبيرة بصناعاته العسكرية التي يروج لها، وبيعها على مستوى العالم.
في الوقت ذاته، فإن القبة الحديدية تنطوي على مخاطر حقيقية لأنها تنسج وهماً بأنه ليس هناك حرب مع المقاومة في ظل تحييد صواريخها، وأن الاحتلال آمن منها، ولا مبرر لقلقه من المستقبل، وبالتالي فإن القبة الحديدية تساهم بارتكاب خطأ استراتيجي يكمن بالاكتفاء بالدفاع أمام المقاومة دون حسم وانتصار.