مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لمعركة سيف القدس في رمضان 2021، تتزايد المخاوف والتحذيرات الإسرائيلية من نسخة جديدة منها، أكثر اشتعالا وأقوى وتيرة، في ضوء بقاء ذات الأسباب والعوامل التي أدت الى اندلاع تلك المواجهة قبل عام.
اليوم تظهر جملة من الاستخلاصات الإسرائيلية التي تقدم مبررا لإصدار تلك التحذيرات، ومفادها أن المزج بين زيادة اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، وتصاعد التوترات بشأن ما تشهده أحياء القدس الفلسطينية، فضلا عن ارتفاع قائمة الشهداء في الآونة الأخيرة، كفيل بإنتاج ضغط كافي على المقاومة الفلسطينية، لتنفيذ هجمات خارج نطاق السيطرة الإسرائيلية، بحيث تصل آثارها إلى كل المنطقة، وصولاً إلى المدن المحتلة في الداخل، في مشهد لم يتكرر خلال السنوات والعقود الماضية.
ولذلك تحفل الأوساط البحثية ووسائل الإعلام الإسرائيلية بجملة من الانتقادات الموجهة لدوائر صنع القرار السياسي والعسكري، بسبب ما عدّته إهمالا لتلك العوامل التي من شأنها تهيئة الأرضية لانطلاق مواجهة عسكرية جديدة، لاسيما التساهل مع المستوطنين، الأمر الذي قد يسفر عن نتائج لم تكن في صالح الاحتلال من جهة، واستفاد منها الفلسطينيون، لا سيّما المقاومة المسلحة من جهة أخرى.
لقد شكلت معركة سيف القدس والعدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة استمراراً لمواجهات سابقة شهدها القطاع في الأعوام 2008، و2012، و2014، على الرغم من أن المواجهة الأخيرة حملت دلالات كبيرة قد لا تقل خطورة وأهمية عن سابقاتها، إن لم تكن تفوقت عليها في الدافع الحقيقي نحو هذه المواجهة وهو الدفاع عن القدس، وهو ما قد يتكرر في رمضان المقبل 2022.
مع العلم أن التخوف الإسرائيلي من أي مواجهة مقبلة يتركز في إصرار المقاومة على ربطها بين كافة المكونات الجغرافية لانتشار الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم، مما أفشل المخططات الإسرائيلية التي عملت لسنوات وعقود على تقسيم المقسم، وتجزئة المجزأ، وتفتيت المفتت، وتحديدا بين فلسطينيي غزة والضفة والقدس والـ48 والشتات.
فضلا عن ذلك، لا تتردد المحافل الإسرائيلية في الإعراب عن قلقها من أن تشكل المواجهة المقبلة، إن وقعت، مناسبة لانكشاف الجبهة الداخلية الإسرائيلية أمام المقاومة، خاصة فيث غزة، التي تعد متواضعة في قدراتها العسكرية أمام جبهات أخرى أكثر قوة وأشد فتكاً، مما سيطرح تساؤلات كبيرة على صناع القرار الإسرائيلي عن طبيعة الاستعدادات التي تجريها المؤسسة العسكرية طوال العام الماضي، منذ أن وضعت معركة "سيف القدس: السابقة أوزارها، والخشية أنه في لحظة الاختبار الحقيقي، القادمة حتماً لا محالة، ستأتي النتائج مدوية، وحينها ستثور جملة انتقادات واتهامات متبادلة بين الإسرائيليين حول المتسبب بالانتكاسة المتوقعة مثلثة الأضلاع: سياسياً، وأمنياً، وعسكرياً.