احتفلت فلسطين وغيرها من الدول أمس الثلاثاء بما يعرف حديثا بيوم المرأة العالمي. وبعد أيام وفي ٢١ مارس تحتفل فلسطين وغيرها من الدول بيوم الأم، وتتزين المحال والبيوت بالهدايا التي تقدمها البنات والأبناء لأمهاتهم تأشيرًا على التقدير والاحترام والحب. يقال إن يوم الأم، ويوم المرأة، وهما من منتجات المعاصرة، جاءت بعد ملاحظات عبرت عن وجود مشاعر سلبية نحو المرأة، ومشاعر متنكرة لتضحيات الأم من أجل أبنائها وأسرتها.
نعم للحضارة الحديثة والمعاصرة آثام عديدة، لبعدها عن التشريعات السماوية، وإغراقها في المادية النفعية، لذا يمكن القول بأن حضارة الغرب المعاصرة بلا مشاعر، وبلا وجدانيات، وبلا رحمة. ومع ماديتهم فإنهم يتهمون عادة المشرق، ويقصدون المشرق العربي والإسلامي بأنه قاسٍ على المرأة، وأن المرأة في بلاد العرب لا تنال حقوقا مساوية لحقوق الرجل، ويطلبون لها الحرية، والخروج من البيت، والمساوة وغير ذلك؟!
هذه الاتهامات تقف خلفها أهداف مادية لا إنسانية، تستهدف عفاف المرأة وأخلاقها وروحها التي فيها سكن الزوج والمودة بينهما والرحمة، لتجعل منها جسدا خاليا من الروح، ومادة للمتعة وإطارا للنزوة الشبابية الطائشة.
في الشرق الاسلامي تشريعات سماوية تحفظ مكانة المرأة ومنزلتها، وتعلي من قدرها، فهي في الأصل خلقت من نفس الرجل، "خلق لكم من أنفسكم". وهي مصدر سعادة البيت بما تبعث فيه من المودة والسكينة والطمأنينة، وليس في تشريعات الغرب وحضارته من التشريعات والبيان ما في حضارة الشرق الإسلامي ولا عشر معشاره، ولكن الغرب قوم لا يعدلون، وإن مفاهيمهم عن المرأة مفاهيم مادية مبتذلة، يتداولونها جسدا وسلعة، ويهدمون بها ومن خلالها الأسرة ومفهومها الفطري القائم على الزواج والنسل والأسرة المتكاملة.
حين أدرك بعض المصلحين في الغرب حجم العدوان الحضاري على المرأة اتخذوا لها يوما وعيدا لعلهم يذكرون الناس بما لها من حقوق، والمؤسف أننا في المشرق تابعناهم وسرنا على خطاهم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، ولم نلتفت لما عندنا من تراث غني، وعالي القيمة في احترام المرأة: أمًّا وزوجة وبنتًا، ومكونا رئيسا من مكونات الحياة والمجتمع.
حضارتنا، وتراثنا وتشريعاتنا تعطي المرأة حقوقا كاملة، وليس لدى الغرب عشر معشارها، وتطبيقات أبناء مجتمعاتنا على ما فيها عند بعضنا من انحرافات هي أفضل من تطبيقات الغرب، ذلك لأنهم يأخذون المرأة مادة وسلعة، ولا يعاملونها روحا ونفسا كريمة، معاملة المرأة عندهم تقوم على الخداع والنفاق، وهم يحسنون مع الرقابة الدنيوية فقط، لأنهم لا يعرفون الآخرة ورقابة من يجب خشيته واتقاء غضبه. نحن في فلسطين في حاجة للعودة إلى سلفنا في تطبيقات التعامل مع المرأة، حتى لا نجعل لحضارة الغرب علينا سبيلا.