في حين بدأ الحديث الإسرائيلي عن وساطة يسعى رئيس الحكومة بينيت لإنجازها بين روسيا وأوكرانيا؛ يتندر الإسرائيليون بأنه فشل في إدارة مكتبه، وعلاقته مع الوزراء وأعضاء الكنيست، وفي هذه الحالة لا يتخيل كيف سيحل مشكلات العالم، لا سيما أن لديه رزمة مشكلات داخلية عالقة كالمعاشات التقاعدية، وغلاء المعيشة، ووفيات كورونا، ومعدلات الجريمة، في حين ترك الاتفاق النووي الإيراني وراءه، وهكذا يتصدر العناوين الرئيسة بين روسيا وأوكرانيا، لكنه غائب عن الساحة الداخلية.
في الوقت ذاته، وبينما يحاول بينيت أخذ دور عالمي كبير، أكبر من حجم (إسرائيل) للوساطة بين القوى العظمى؛ إنه ما زال متورطًا في مشكلات الائتلاف المهزوز، وتشتت قادة أحزابه، وخلافاتهم في مختلف المجالات، وتظهر الحكومة غارقة في الوحل المحلي.
يحاول بينيت احتلال عناوين الصحف في وسائل الإعلام للتوسط في حل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، زاعمًا أنه يستطيع استعادة السلام العالمي، في محاولة فاشلة، كما يبدو، لتقليد سلفه بنيامين نتنياهو في الوقوف ضد الولايات المتحدة في حربه على البرنامج النووي الإيراني، مع أن الغرب عمومًا، والولايات المتحدة خصوصًا، لن يخوضوا حرب (إسرائيل) بالوكالة.
لقد تحولت الوسائل الدعائية التابعة للحكومة الإسرائيلية إلى مزحة حزينة أمام العالم كله، عقب تناقض المواقف الصادرة عن وزرائها بشأن الحرب الأوكرانية، ففي حين أعلن ليبرمان أن الحرب لن تندلع أكد لابيد أن المخابرات الإسرائيلية لم تتوقع دخول القوات العسكرية إلى أوكرانيا، أما بينيت فيسعى للقيام بدور الوساطة.
وإذا لم يكن هذا الأمر محزنًا، فسيكون مضحكًا، لا شك، لأننا أمام نظام عالمي جديد، يشمل تهديدات باستخدام أسلحة نووية، وحربًا اقتصادية بين الشرق والغرب، وجيوشًا تقاتل في أوروبا، وفي هذا الواقع الخطر تنشغل الحكومة الإسرائيلية ببقائها، بقائها فقط.
لا تعيش الحكومة الإسرائيلية في هذه الآونة أفضل أيامها، لا سيما بالنظر إلى التطورات العالمية المتسارعة، وقد تترك تأثيرها على (إسرائيل) بالضرورة، فوزير الحرب غانتس بناء على دعوة من رئيس هيئة الأركان العامة للجيش كوخافي خاض حربًا مع باقي الوزراء، بشأن المعاشات التقاعدية الخاصة بكبار ضباط الجيش.
في الوقت ذاته صوت جميع أعضاء الحكومة على إنفاق مليارات الشواقل على الإضافات غير العادية لمعاشات غير قانونية لرئيس الأركان وكبار ضباطه المتقاعدين، مع أن بعضهم تقاعد في سن 42، وشرعوا في المهنة الثانية في السوق الخاص أو العام، مع أننا أمام إهدار خطر للمال العام.
ولكن من أجل الحفاظ على استمرار الحكومة، وعدم سقوطها، يوافق بينيت على رغبة غانتس، ولا يتردد في دعمه، حتى على حساب المال العام، وبينما يهتز العالم من حول الاحتلال؛ الشيء الرئيس الذي يهم بينيت أنه كسب يومًا جديدًا آخر للبقاء جالسًا على الكرسي.