فيما تتحسب دولة الاحتلال لمواجهة معركة قاسية مع واحدة من الجبهات المحيطة بها، شمالا وشرقا وجنوبا، تخرج تقديرات متفاوتة بين حين وآخر تتحدث عن التعرض لسيناريو خطير يتمثل بتعرضها لهجمات صاروخية متعددة المصادر في آن واحد، وهو ما يعرف بإستراتيجية "توحيد الجبهات" من قوى المقاومة.
السيناريو يقدم تصورا بدأت تتداوله المحافل العسكرية عن التعرض لسلسلة منسقة من الهجمات الصاروخية، تتركز في منطقة "غوش دان" وسط فلسطين المحتلة، وتوقع إصابات عديدة، وتتسبب بأضرار هائلة.
من بين المواقع التي ستصاب بأضرار فادحة "مستودعات إستراتيجية"، مواقع عسكرية للجيش، مرافق بنى تحتية، مع أن الهجمات الصاروخية، وفق السيناريو الإسرائيلي، سيكون مصدرها من عدة مواقع هي: الجنوب اللبناني في المنطقة الحدودية الفاصلة المتواجد فيها القوات الدولية، وقطاع غزة، وصواريخ بعيدة المدى تأتي من المنطقة الحدودية الفاصلة بين إيران والعراق.
يطرح أصحاب هذا السيناريو الإسرائيلي تطورات "متفائلة"، تشمل حصول الاحتلال على معلومات أمنية تحدد بموجبها مصادر إطلاق الصواريخ، وتنجح في إسقاطها، وإحباطها، عبر تزودها بأسلحة متطورة ودقيقة عن بعد، ويهدد الاحتلال في هذه الحالة بأنه إن لم تتوقف الهجمات الصاروخية، فسيعمل على استهداف مناطق إطلاقها دون تباطؤ، وسيدين المجتمع الدولي هذه الهجمات، ويرى فيها هجوما خطيرا غير مسبوق، وستعمل الحكومة اللبنانية في المجالين، السياسي والعسكري، لمنع تواصل الهجمات الإسرائيلية على أراضيها.
في الوقت ذاته، هناك تطورات "متشائمة"، تتمثل بأن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذين سيدينون الهجمات، سيطالبون الأطراف كافة بضبط النفس، لكن جميع المحاولات الإسرائيلية للمس بقيادات المقاومة في شتى مناطق تواجدها لا تجدي نفعا، مما قد يضطر الاحتلال لتجنيد الاحتياط، للدخول في عمليات برية إلى قلب بعض الأراضي التي تنطلق منها الصواريخ، سواء في الجبهة الشمالية مع لبنان، أو الجنوبية مع غزة، حيث يعلن رجال المقاومة استنفارهم الكامل، ويختفون كلياً من فوق الأرض، وتتزايد أعداد القتلى الإسرائيليين رويدا رويدا.
في مثل هذا السيناريو، قد يشتد القصف الصاروخي على شمال فلسطين المحتلة، وتصل إسرائيل تهديدات جدية تفيد بأنه إذا تم استهداف البنى التحتية اللبنانية والفلسطينية، فإن مناطق "غوش دان" ومواقعها الإستراتيجية ستهاجم بالصواريخ، دون رحمة.
يطرح الإسرائيليون لمواجهة هذا السيناريو "الكابوس" جملة استعدادات مطلوبة، أهمها توفير حماية قصوى للمستودعات الإستراتيجية والتابعة للجيش، وتهيئة المنظومة الفعالة ضد الصواريخ، وتكثيف العمل الاستخباري، وتقوية قدرتها للمس بصورة مباشرة وفعالة ضد المقاومة، والتجنيد السريع للدعم السياسي من المجتمع الدولي، والاستعداد الجيد لتنفيذ عملية برية قد تشكل مفاجأة "للعدو"، دون أن تضمن هذه الاستعدادات حصانة من أي استهداف قادم للجبهة الداخلية الإسرائيلية.