شهدت دولة الاحتلال، أو بالقرب منها، خلال الأسابيع الأخيرة وقوع عدة هزات أرضية خفيفة، لم تسفر عن خسائر بشرية أو أضرار اقتصادية، لكنها أشعلت الأضواء الحمراء في دوائر صنع القرار الإسرائيلي حول عدم الجهوزية الكافية لمواجهة زلازل أكثر خطورة قد تسفر عن كوارث حقيقية، خاصة أن التقديرات تتحدث أن الزلزال القادم آتٍ لا محالة، ويمكن أن يكون مدمراً، ما يعني أن إسرائيل ليست مستعدة كما ينبغي ليوم "ترتجف فيه الأرض".
صحيح أن المؤسسة العسكرية انشغلت في الآونة الأخيرة بإيجاد منظومات مضادة للوقاية من هذه الزلازل، من خلال توفير إنذار قصير المدى لوقوعها، لكنها ليست كافية على الإطلاق، فالزلزال القادم يتوقع أن يتسبب بكارثة جماعية، رغم أن عددا من الجهات الإسرائيلية ذات الاختصاص مثل سلطة الطوارئ، والجبهة الداخلية، والمساحة الجيولوجية، دشنت منظومة جديدة تعمل خلال عشرات الثواني عند وقوع زلزال.
صحيح أن المنظومة الحالية المنتشرة بشكل رئيس على طول صدع البحر الميت ستكون قادرة على التحذير من الزلازل، لكنها لن تكون فعالة لمواجهة تلك التي تنشأ في البحر المتوسط، ما يجعل هذه المنظومة، في نظر الإسرائيليين أنفسهم، لا تزال محدودة في آثارها، لأنها لن تتمكن من إيقاف المصاعد المتحركة، وإبلاغهم بمغادرتها، ومنع الطائرات من الهبوط بمطار بن غوريون، وإغلاق الدوائر الكهربائية والتوربينات، وأنظمة الغاز لمنع التسربات، ومنع المركبات من وصول الجسور المنهارة، وتشغيل مولدات للدعم في حالة انقطاع التيار الكهربائي في المنشآت الحيوية.
ما زال ابتعاد المنظومة الإسرائيلية عن هذه الإمكانات المتقدمة يزيد من خطورة مواجهتها للزلزال القادم، الذي لن يكون السؤال المناسب له: هل سيقع أو لا؟ ولكن: متى سيقع؟ ومع ذلك لم تفعل دولة الاحتلال سوى القليل لتقليص أضرار الزلازل المتوقعة، واكتفت ببعض الإجراءات الشكلية التي لا تستطيع مواجهة زلزال حقيقي وجدي تواجهه دول أخرى حول العالم.
من التحفظات التي تأخذها الجهات الإسرائيلية على الدوائر المسئولة مثل الجبهة الداخلية تحديدا، أنها لم تقم بسلسلة من الخطوات العاجلة مثل تعزيز المباني العامة، خاصة المدارس والمستشفيات، فضلاً عن البنية التحتية الحيوية، مثل الجسور والمساكن، وعدم تحسين وعي الجمهور الإسرائيلي بشكل كبير من خلال إعداده للتعامل مع زلزال عنيف متوقع، وإلا فمن المتوقع أنه في مثل هذه الحالة، ستتأخر المساعدة من الوزارات الإسرائيلية، خاصة الإطفاء ونجمة داود والشرطة.
بصورة أكثر تفصيلية، تشير هذه المعطيات إلى أنه على المدى الطويل، فإن إسرائيل من الناحية العملية ليست جاهزة لمواجهة الزلازل، وليست لديها الإمكانات اللازمة لذلك، ما قد يعمل على شيوع أجواء من الغموض والصورة المضللة عن مدى استجابتها لحدوث ما يصفونها بـ"الكارثة"!