يواصل الأمن الإسرائيلي إطلاق تحذيراته من انتقال الأحداث المتوترة في حي الشيخ جراح إلى قطاع غزة والضفة الغربية، ويستعد لاحتمال التصعيد، باعتبار أن الفترة الحالية شديدة الانفجار، وأحداث القدس دائما ما تستخدم وقودًا للتحريض، وربما بسببها قد تتساقط الصواريخ على دولة الاحتلال؛ ما يستدعي استعداد جيشها لاحتمال توسع رقعة التوترات.
مع أن الأيام الأخيرة شهدت إجراء مباحثات بين الجيش والشرطة وحرس الحدود وأجهزة الأمن، لأنه لا أحد يستطيع منها أن يضمن عدم تمدد أحداث القدس لبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى خلفية هذه التطورات تقرر زيادة بعض نقاط الجيش في الضفة، وتجديد إصدار تعليمات إطلاق النار في عدد من الألوية المكانية المتمركزة على حدود غزة، واستخدام أسلحة معينة في حالة الاشتباكات في أثناء التظاهرات.
لم يعد سراً أن أوضاع الأراضي الفلسطينية عموما، والقدس المحتلة خصوصا، تمر في فترة متفجرة للغاية لأسباب عديدة، ويكمن الهدف الإسرائيلي في الوقت الحالي بتهدئة المنطقة، والحيلولة دون مضي قوى المقاومة قدما في أجندتها بتوظيف هذا التوتر لزيادة الضغط على الاحتلال، الذي لا يرغب مع اقتراب شهر رمضان بأن تكون ألسنة اللهب مشتعلة، ففي مثل هذه الحالة سيكون من السهل الترويج للعمليات والهجمات المسلحة.
في الوقت ذاته، لم يصل الوضع الميداني بعد إلى درجة أن الجيش يطالب فيها بتعزيزات إضافية، لكن إذا لم يهدأ الوضع في حي الشيخ جراح، وازدادت الاضطرابات في الضفة، فربما يتعين إعادة النظر في القرار، خاصة وأن التوتر المتزايد في الساحة الفلسطينية، وأعمال الاحتجاجات العديدة في الضفة، يعزوها المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون إلى التوتر القائم في حي الشيخ جراح، باعتباره عاملا أساسيا يستدعي زيادة اليقظة.
في الوقت ذاته، لا يقتصر الاهتمام الإسرائيلي على القدس المحتلة فقط، لأن أحداث الضفة الغربية تشع بضوئها على قطاع غزة، في ضوء جملة من "الديناميكيات المقلقة" التي تنقل الأوضاع بسلاسة من القدس إلى الضفة وإلى غزة، خاصة عمليات إطلاق النار الليلية التي تحدث مؤخرًا في جنين ونابلس، وفي غزة صدرت تهديدات مفادها عدم ترك أهالي حي الشيخ جراح يواجهون مصير الطرد وحدهم!
كبار الضباط الإسرائيليين يؤكدون أنه لا توجد ضمانة بعدم حدوث تدهور في الأوضاع الأمنية، رغم أن مسؤوليتهم تتركز في منع التصعيد الذي قد يؤدي لتطورات صعبة للغاية، "فالحديث لا يدور عن مزحة"، لأن الأمور قد تتدحرج إلى حرب جديدة في غزة، ولذلك فإن الأمر يستحق، بنظرهم، تجنب التصعيد الجاري حاليا في حي الشيخ جراح، بدلا من سكب المزيد من الزيت على النار، فالقدس مكان حساس، ويجب تجنب الاستفزازات التي تقود الإسرائيليين إلى أماكن سيئة.