فلسطين أون لاين

​بسبب وقف التحويلات .. مرضى يترقبون الضحية الجديدة

...
غزة - نسمة حمتو

يقف المواطن حمود أبو صبرة حائرًا أمام عدم تمكنه من تقديم المساعدة لأبنائه المرضى، بعد أن تقدم بطلب الحصول على تحويلة للسفر عن طريق معبر (إيرز)، فلم يجد إلا الرفض "لدواعٍ أمنية".

يعاني ابنا أبو صبرة من فشل في النخاع الشوكي، ويحتاجان إلى مراجعة في مصر كي يتم تثبيت النخاع الذي زُرِع قبل عام.

خوفًا من المضاعفات

أبو صبرة قال لـ"فلسطين" عن حالة ابنيه الصحية: "ابناي يعانيان من مرض أنيميا البحر المتوسط، ويحتاجان إلى عملية زراعة نخاع، لا يمكن إجراؤها في غزة بسبب نقص الإمكانيات، وبفضل الله تمكنا من السفر لزراعته لهما، ولكنهما لا يزالان يحتاجان إلى علاج خاص غير متوفر في غزة، وعملية تثبيت، ومراجعة عند الطبيب المختص، وحتى الآن ننتظر نتائج العملية".

وأضاف: "غير أن ابني أمير 18 عامًا أجرينا له عملية زراعة نخاع عن طريق أخته التي استشهدت قبل عام، والآن نخاف من حدوث مضاعفات له، ولدينا تخوف في حال حدوث المضاعفات من إعادة العملية مرة أخرى، فكل هذا مرتبط بسفرنا".

وتابع قوله: "رغم كل محاولاتي للسفر عن طريق معبر إيرز لاستكمال علاج أبنائي، إلا أنني في كل مرة أُرفض والآن ننتظر دورنا في معبر رفح، ولا نعرف متى سيُفتح، ومتى سنتمكن من السفر في ظل وجود مئات الحالات المرضية التي تنتظر مثلنا".

تأخر العلاج عن أبناء أبو صبرة يزيد حالته النفسية سوءًا، فهو يشعر بعجز شديد في ظل عدم تمكنه من السفر، أو حتى تقديم تصريح آخر للسفر عبر معبر إيرز، لأنه يعرف مقدمًا أن نهاية طلبه ستكون الرفض.

نعجز أمام مرضه

المريض مصطفى الجرجاوي أُصيب قبل أكثر من عام بسرطان القولون وطلب منه الأطباء السفر إلى مصر لإجراء مسح ذري للاطمئنان على حالته الصحية منذ عام وحتى الآن لم يتمكن من السفر. قالت زوجته مريم الجرجاوي لـ:" فلسطين:" حالة زوجي الصحية سيئة للغاية، كان المفترض أن يتم السيطرة على الورم، ولكن بسبب إغلاق المعبر انتشر الورم وأصبح يعاني من أورام في الغدد الليمفاوية في الرقبة، وكل يوم يزداد وضعه سوءًا".

وأضافت: "عندما يقصد زوجي مستشفيات غزة طلبا للعلاج، لا يجد الجرعات اللازمة له، كل هذا يؤثر عليه نفسيًا، نشعر بالألم الشديد لأننا لا نستطيع فعل شيء له، ونقف عاجزين أمام مرضه وعدم مقدرته على السفر للعلاج بالخارج".

وتابعت الزوجة حديثها: "رغم أنه حصل على نموذج رقم 1 للسفر إلى مصر عن طريق معبر رفح، إلا أن تأخر فتح المعبر زاد حالته الصحية سوءا، كل أسبوع يتوجه زوجي إلى المستشفى ليتلقى العلاج الكيماوي، ويبيت فيها ثلاثة أيام".

وأكملت قولها: "لدي خمسة أبناء، ونحاول قدر الإمكان التخفيف من المعاناة التي يعيشها زوجي، ولكن بمجرد سماعه خبر وقف التحويلات يتضرر نفسيًا، وتزداد حالته الصحية سوءًا، ونحن نتأثر معه ولا نعرف ماذا نفعل له".

موت بطيء

ولا يختلف الحال كثيراً عند رنا النعيزي (18 عاما)، ابنة المريضة رائدة النعيزي، والتي تعاني من سرطان الثدي والحوض ولا تستطيع السفر لإكمال علاجها خارج قطاع غزة.

رنا قالت لـ"فلسطين" عن حالة والدتها: "وضع والدتي الصحي يزداد سوءًا يوما بعد يوم، كل يوم ننظر إليها ونشعر بالحسرة، لا نعرف ماذا نفعل لها، تحاول إخفاء مرضها عنا، ولكننا نشعر بها وليس بمقدورنا فعل شيء لتخفيف أوجاعها".

وأضافت: "تموت والدتي في اليوم مائة مرة من الآلام التي تعاني منها، تبكي كثيرًا عندما تشعر بالألم ولا تجد حبة مسكن واحدة تخفف عنها، منذ أربعة أشهر لم تحصل على حبة دواء واحدة بسبب عدم تمكنها من السفر".

وتابعت النعيزي: "عندما تتوجه والدتي إلى مستشفى الشفاء لا تجد لها علاجًا، حتى الأطباء لا يستطيعون فعل شيء لها، لأن ملفها الصحي غير موجود عندهم، والأطباء في مستشفى معهد ناصر يطلبون منها عدم تناول أي حبة دواء كي لا تتفاقم مشكلتها وتزداد سوءا".

وأكملت قولها:" مرضى الأورام الذين يتلقون العلاج في غزة لم يحصلوا على الأدوية اللازمة منذ شهرين، فكيف بالمرضى الذين عولجوا في الخارج! من أين سيحصلون على العلاج الخاص بهم!".

وأوضحت: "سفر والدتي للعلاج يشعرها بالاطمئنان والراحة، عندما تسافر، تعود من رحلتها لتصبح كغيرها من النساء، تتمكن من صنع الطعام ومساعدتنا في كل شيء، تعود ابتسامتها التي تفقدها كلما غاب عنها الدواء".

عندما تسمع النعيزي بوفاة أحد مرضى السرطان في القطاع بسبب رفض سفره وعدم منحه تحويلة للسفر، تشعر بالخوف الشديد، ويخاف أبناؤها من أن يأتي دورها هي الأخرى، لتكون الضحية الجديدة في عداد وفيات التحويلات الطبية.