خلاف جديد شهدته حكومة الاحتلال على خلفية التقييم السنوي الذي قدمه رئيس مجلس الأمن القومي آيال خولتا، الذي استعرض جملة من التحديات الأمنية أمام دولة الاحتلال، سواء الملف النووي الإيراني، أو العلاقة مع الولايات المتحدة، وغيرها من القضايا، دون أن يتطرق للقضية الفلسطينية، باعتبارها ليست على جدول الأعمال الإسرائيلي.
المعلومات الشحيحة التي خرجت عن وزراء إسرائيليين شاركوا في جلسة التقييم السنوي لمجلس الأمن القومي للوضع الأمني، ذكرت أن "خولتا" لم يذكر القضية الفلسطينية أمام بقية الوزراء، واكتفى بإرسال إشارة منخفضة نسبيًا إلى ضرورة الحفاظ على الاستقرار الأمني في قطاع غزة والضفة الغربية استعدادا لليوم التالي لغياب أبو مازن، ليس أكثر من ذلك!
هذا التهميش المتعمد الذي أظهره أحد الرجال الأمنيين الأوائل في دولة الاحتلال، والأكثر قربا من رئيس الوزراء نفتالي بينيت، يتزامن مع استمرار اللقاءات الفلسطينية الإسرائيلية المشتركة، على مختلف الأصعدة: الأمنية، والاقتصادية، وليست السياسية، وكأن المقصود بها ترسيخ منظومة السلام الاقتصادي مع السلطة الفلسطينية، دون حديث عن المسارات السياسية المتوقعة معهم.
رغم ذلك فقد كشف النقاب مؤخرا عن احتجاج وزير التعاون الإقليمي عيساوي فريج على رفض رئيس الحكومة نفتالي بينيت السماح له بعقد اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة مع السلطة الفلسطينية، متذرعا بذلك أنه تم اتخاذ العديد من الخطوات الاقتصادية والمدنية تجاهها، ولذلك لا داعي لعقد المزيد من اللقاءات والاجتماعات معها، حتى هذه اللقاءات الاحتفالية، الخالية من أي مضمون سياسي، بات بينيت يحظرها، أي هوان تعيشه السلطة بعد ذلك، وهي التي تستجدي لقاء هنا، وتنسيقا هناك، واجتماعا هنالك!
أكثر من ذلك، فإن التهميش الذي أبداه "خولتا" للموضوع الفلسطيني، يعني عمليا أن دولة الاحتلال ليس لديها أي أفق سياسي مع الفلسطينيين، والأكثر غرابة أن التجاهل الإسرائيلي للقضية الفلسطينية، وعلى أعلى المستويات الأمنية والسياسية، يتزامن مع التركيز فقط على التهديدات والقضايا البعيدة، سواء النووي الإيراني أو أزمة أوكرانيا، وغيرهما، وفي الوقت ذاته فإن القفز الإسرائيلي عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، هو استمرار للسياسة الإسرائيلية القديمة الجديدة بالانتقال من حل الصراع مع الفلسطينيين إلى إدارته.
من الواضح أن إهمال خولتا للقضية الفلسطينية لم يأتِ اعتباطا، أو بصورة عفوية، بل لأنه منسجم مع رئيس حكومته الذي يتعمد تجميد الحديث بشأنها، هربا من دفع أي استحقاقات سياسية، ويركز الحديث بدلا من ذلك عن مشاريع اقتصادية وتسهيلات معيشية، تحقيقا لمبدأ اليمين الإسرائيلي المعروف بـ"السلام الاقتصادي".