انعقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية بمقاطعة الجبهة الشعبية الشريك الأول والأساس لفتح في منظمة التحرير، وبانسحاب حزب الشعب عند بدأ الاجتماع، وبخلاف داخل الجبهة الديمقراطية حول قرار الحضور! حالة تمزق لا يغطيها غربال التصريحات العنترية، وكلمات أصحاب المصالح.
المتحدثون باسم فتح يزعمون أنه توفر نصاب قانوني لعقد اجتماعات المركزي، ولم يبين المتحدثون ماذا يعنون بالنصاب القانوني! وإذا كان النصاب متوفرًا فما الذي يقلق فتح من مقاطعة الشعبية؟
القلق هذا تحول عند المتحدثين باسم فتح إلى اتهام للشعبية وحماس بمحاولة هدم منظمة التحرير وتشكيل تكتل بديل! وهذا اتهام خطير، ولكنه فطير، لأنه فاقد للدليل، إذ تطالب الشعبية وحماس وغيرهما بإصلاح منظمة التحرير، وتنفيذ توصيات وقرارات المجلس المركزي السابق، وإعادة الاعتبار للمجلس الوطني، وعدم مصادرة صلاحياته لصالح المركزي.
إن موقف المقاطعين للمركزي في انعقاده الحالي ينسجم مع رؤية جل الشعب التي تطالب بالانتخابات، وبالإصلاح، وبالشراكة الوطنية الشاملة، وبوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال. وبقاء الجبهة الشعبية في عضوية المركزي دليل على كذب الاتهام!
قلنا في مقال سابق إن عقد المجلس المركزي في توقيت وبيئة خلافية يستهدف أمرين: الأول إشغال المناصب الخالية في اللجنة التنفيذية والمركزي بشخصيات موالية لرئيس المنظمة، وهذا تمّ بجدارة بدخول حسين الشيخ في موقع الراحل صائب عريقات، ومحمد مصطفى في موقع حنان عشراوي المستقيلة احتجاجا على تفرد محمد عباس بالقرارات. وفريد سروع بدلا من تيسير خالد المستقيل.
والأمر الثاني وهو سياسي فيه محاولة لإنزال محمود عباس عن الشجرة التي ارتقاها في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة إذ هدد الاحتلال بمدة سنة قبل التحول لسياسات جديدة، تقطع مع الحالة الراهنة التي تضيع فيها الأرض الفلسطينية، ولا مفاوضات سياسية، ولا أفق لحل الدولتين، ولا ضغوط دولية على الاحتلال. وهذا الأمر سيحدث وينزل عباس عن الشجرة، ولكن دون تحولات جادة في التوجهات السياسية تقطع مع الواقع الفاسد القائم، وأكثر المتوقع أن يكون بيانًا لغويًّا قوي اللهجة، ضد الاحتلال والمجتمع الدولي.
وأكاد أجزم بأنه لا يوجد فلسطيني واحد يتوقع من رئيس السلطة وقف التنسيق الأمني، أو تعليق الاعتراف (بإسرائيل) حتى تعترف بالدولة الفلسطينية، والمؤشرات الدالة على هذا عديدة ولا داعي لسردها، وإن غدًا لناظره قريب، غدًا ينفض المركزي ونقف على القرارات بنوعيها: القابلة للتنفيذ، والأخرى التي هي بلاغية لذر الرماد في العيون.