فلسطين أون لاين

هروب إسرائيلي للأمام من تقرير أمنستي بدل الاعتراف به

بالتزامن مع نشر تقرير منظمة العفو الدولية الذي وصف دولة الاحتلال بممارسة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين، وارتكاب نظام "الأبارتهايد"، وما أحدثه من ضجة كبيرة في المحافل الإسرائيلية، تختبئ هذه الأوساط خلف الصيغة القديمة الجديدة القائلة بأن العالم يسعى لتشويه لصورة "إسرائيل"، دون الإقرار بحقيقة ما شرحه التقرير من وقائع وحقائق لا تخطئها العين.

تتمسك دولة الاحتلال بفرضية غالبا ما تمسكت بها وهي أن ما تقوم به هذه المنظمات الحقوقية إنما هو رغبة المتطرفين من غير اليهود، الساعين لإبراز أن اليهود مجموعة أشرار، رغم أن التقارير الحقوقية وصفت سلوك الاحتلال، دون الاقتراب من قومية أو ديانة، لكن الاحتلال ذاته يهرب دائما من مواجهة الاستحقاقات الوارد ذكرها في التقارير الحقوقية. 

وبدلا من الضغط على الجيش وأجهزته الأمنية، لوقف اعتداءاتهم على الشعب الفلسطيني، وكبح جماح قمعها المنظم، فإن المحافل الإسرائيلية تذهب باتجاه التعامل مع هذه التقارير لمواجهة ما تسميه حملة تشويه صورة الاحتلال، تحت مسميات معاداة السامية، واستعداء اليهود من قبل من يسمونهم "الأغيار".

تبدي المحافل الإسرائيلية عداءها المتنامي للإعلام العالمي، بزعم أنه يخصّص ساعات طويلة من بثه الإخباري لعرض معاناة الفلسطينيين، وأن القنوات التلفزيونية تستقي هذه التقارير الحقوقية وكأنه مسلم بها، ما يظهر الفلسطينيين أنهم دائما على حق، وهم كذلك، لكن النظرة الاحتلالية العنصرية تأبى الإقرار بهذه الحقيقة.

يحاول الإسرائيليون محاكاة التجربة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية بالتعاطي الإعلامي معها، بزعم أنه بعد مرور خمسة وسبعين عاما على نهايتها، لم يُنتِج الأمريكيون فيلماً بدا فيه الألمان هم الأخيار، بينما هم الأشرار.

في المقابل، يزعم الرافضون الإسرائيليون للاتهامات الموجهة للاحتلال، بأن شركات الإنتاج التلفزيوني ووسائل الإعلام ومحطات التلفزة تعتمد أن جنود الاحتلال أشرار موتورون، أما "الأغيار المعادون للسامية" فيسارعون لمنح الجوائز لهذه الأفلام، وتضخيم كراهية الصهاينة، ودعم نزع الشرعية عنهم في العالم.

من جديد يهرب الاحتلال، ومن يدافع عنه، من الاعتراف بأنهم معادون للإنسانية، وينتهكون حقوق الفلسطينيين، كما تضمنته التقارير الحقوقية الأخيرة، وآخرها أمنستي، بزعم أن الأمر يعزِّز كثيراً من قوّة "الأعداء" الذين يزعمون صباح مساء بأنهم أمام نظام فصل عنصري؛ مما يتطلب فرض مقاطعة أكاديمية على كل ما يرتبط بهذا الاحتلال، من مؤسسات إعلامية وأكاديمية وثقافية، فضلا عن الاقتصادية والسياسية.

أكثر من ذلك، فقد صدرت في الأيام الأخيرة دعوات إسرائيلية متلاحقة لإغلاق فرع أمنستي في داخل فلسطين المحتلة، واعتبار أفرادها غير مرغوب بهم، وربما استصدار أوامر اعتقال أو طرد بحقهم، وهي تدابير متنوعة الأصل أن يتم استخدامها ضد المستوطنين، وليس تجاه من يكشف جرائمهم، ويعري صورتهم أمام العالم أجمع.