مرة أخرى تؤكد مصر للجميع فلسطينيًا وعربيًا وإقليميًا أن فلسطين وخاصة قطاع غزة جزء لا يتجزأ من أمنها القومي ومن غير المسموح لأحد مهما اختلفت الرؤى مع الجهة الحاكمة في غزة أن يعاقب أهلها الصامدين أو أن يقتل غزة!!
مصر الدولة تنحاز دومًا إلى جانب الحق الفلسطيني وتدفع ثمن ذلك أمام الأعداء، من دماء أبنائها وجيشها ورجالاتها، وأنجزت صفقة وفاء الأحرار بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي وأمنت خروج أكثر من ألف أسير فلسطيني من سجون الاحتلال، وبذلت منذ الانقسام جهودا جبارة في جمع الفرقاء الفلسطينيين من أجل جمع الشمل وإعادة الوحدة، وهي تدرك جيدا أن البعض يريد التخلص من غزة بفتحها وحماسها لكنها استمرت في عقد عشرات جولات الحوار وتوصلت إلى اتفاقات عدة بيد أن الفيتو الإسرائيلي الأمريكي كان واضحا برفض المصالحة الوطنية وبمباركة رسمية فلسطينية.
المؤامرة على مصر القائدة لم تتوقف لحظة واحدة من مخططات تستهدف وحدتها الوطنية ومحاولات تقسيمها وإثارة الصراعات الدينية فيها، وإنهاك جيشها هنا وهناك، وتدمير اقتصادها، أقول رغم كل ذلك تتدخل مصر في اللحظة الحاسمة وتمد يدها الحانية إلى غزة التي تزداد جراحها وتشتد حلقات حصارها!!.
نعم السياسة مصالح، ومصر تتحرك وفق مصالحها القومية وهذا حقها كما غيرها، وفي كل لقاء عقد في الأشهر السابقة في عين السخنة أو القاهرة مع الصحفيين ورجال الأعمال والشباب وغيرهم كان الموقف المصري واضحا بقرارها الوطني بالتحرك نحو غزة، وترتيب الأوراق مع الجهات المعنية فيها، وضرورة حفظ وضبط الحدود المشتركة مع قطاع غزة، وعدم السماح لأي جهة معادية اللجوء إلى غزة، ووقف عمل الأنفاق، وأن معبر رفح سيتم هدمه وتطويره تمهيدا لاستخدامه لعبور الأفراد والبضائع، وبناء فندق في المعبر، ومصر مستعدة لتأمين كل ما يلزم قطاع غزة رسميا عبر المعابر.
وتقديري أن الاجتماع الأخير بين وفد قيادي من حركة حماس والمخابرات المصرية وضع النقاط على الحروف في جوانب عديدة، ففي الوقت الذي يتفق فيه رئيس السلطة محمود عباس مع الاحتلال مع تقليص ساعات الكهرباء عن غزة المنهكة تتقدم مصر لتوفر البديل، بل وتوفر الوقود لمحطة الكهرباء وأيضا لاستخدام المواطن وهو ما سيحرم خزينة حكومة الحمد الله الملايين من ضرائب غزة!!.
مصر تتدخل لحل مشاكل غزة ومن يفترض دوره الرئيس حل مشاكل الشعب الفلسطيني هو من يصنع لها الأزمات، ولك أن تتخيل أخي القارئ مدى الفرح والسعادة للفلسطيني في غزة وهو يشاهد شاحنات الوقود والعلم المصري يرفرف عليها تجوب شوارع غزة لتبث النور في غزة المظلمة، وللقيادة المصرية أن تدرك كم زادت هذه الخطوات من أسهمها وشعبيتها المتأصلة في الشارع الفلسطيني.
وتتقدم مصر خطوات إلى الأمام وتستقبل وفدا رسميا من القائمين على القطاعات المختلفة في غزة للتعرف أكثر على احتياجات قطاع غزة ومشاكله، والعمل على حلها مع ذوي الاختصاص ليؤكد يقينا دون لبس أن القرار المصري نحو مساعدة غزة استراتيجي لا رجعة عنه.
إن شكر مصر رئاسة وحكومة وجيشا ومخابرات واجب علينا في غزة وفلسطين، ونحن ننتظر خطوات أكبر وأكثر باتجاه الإسراع في إنجاز المعبر وفتحه بصورة مستمرة تحت أي صيغة يتم التوافق عليها خدمة لصمود أهلنا في غزة وتخفيفًا عنهم حتى قبل حلول عيد الأضحى المبارك.