فلسطين أون لاين

إجراءات إسرائيلية لترجيح الديموغرافية اليهودية في القدس

 

تشير الأحداث المتلاحقة في القدس المحتلة لرغبة إسرائيلية محمومة بالسيطرة المتواصلة عليها، وكلما مر الوقت أكثر، تبدت رغبتها بتسهيل الفرص أمام الجماعات الدينية اليهودية، والضلوع ميدانيًا وعمليًا في تنفيذ المخططات الداعية لإزالة المسجد الأقصى، وإقامة الهيكل المزعوم.

دأبت الآلة الدعائية الإسرائيلية على ترديد السيمفونية الرسمية، الحكومية والدينية، حول ما يعرف بـ"حق الشعب اليهودي" في القدس، ونفي المطالب الفلسطينية في المدينة، وتعزيزها بإيراد إحصائيات ديموغرافية ومؤشرات خطيرة من داخل المدينة، بجانب التأثيرات الأمنية المتوقعة في حال تقسيمها، وهي تحذيرات صادرة من داخل أوساط نافذة من الحكومة الإسرائيلية، بما فيها رئيس الوزراء ذاته.

تنطلق هذه المواقف من تفنيد مزاعم بعض دعاة تقسيم المدينة كونه ينبع من ضرورة الحاجة لإعادة التوازن الديموغرافي بين اليهود والفلسطينيين، على أن يكون لصالح اليهود، عبر ما يوصف في (إسرائيل) بـ"اقتلاع" التجمعات السكانية الفلسطينية من داخل حدود المدينة.

تبدي الأوساط السياسية والحكومية حماسًا ملحوظًا لضرورة الفصل بين التجمعات العربية واليهودية، كونه يبدو حاجة ملحة، ولا مفر منها، في سبيل وضع حد للتقلص الجاري للوضع السكاني اليهودي في المدينة، وفي ضوء المخاطر الكامنة فيها، على الصعيد الديني التاريخي للشعب اليهودي ومقدساتها، تقترح هذه الأوساط التكيف مع "المشكلة الديموغرافية" للقدس من خلال معالجة أصلية أساسية للمشكلة من خلال البحث في حلول لظاهرة هجرة اليهود من القدس، ومحاولة التخلص منها، والقضاء عليها مستقبلًا.

تعتقد الأوساط الإسرائيلية أن مستقبل المدينة المقدسة يحتوي على مخاطر كبيرة، وتجعل الإسرائيليين يخسرون كثيرا من النقاط، مما يدفعهم للحديث عن جملة إشكاليات، أهمها: بقاء الأحياء العربية، بما فيها الصغيرة، يعرض سكان المدينة اليهود، خاصة القاطنين على خط التماس على حدودها، لمخاطر أمنية صعبة، ومحيطة بهم من كل جانب، أخطرها أنهم سيكونون عرضة لنيران المسلحين الفلسطينيين.

مثل هذا الدافع المتمثل بانتقال عشرات الآلاف من سكان المدينة العرب للسكن في الجانب الإسرائيلي من حدود المدينة التي ستغدو "مقسمة"، إمكانية واقعية وقائمة بالفعل، لاسيما أن بقاء الأحياء العربية فيها غدت تشكل "أمرًا واقعًا"، ويدفع هذا الواقع الجديد بعشرات آلاف الفلسطينيين للانتقال والإقامة في الجانب الإسرائيلي من جدار الفصل العنصري، في ظل تراجع خيار تقسيم المدينة بصورة مقلصة.

في الوقت ذاته، قد يجد الاحتلال صعوبة حقيقية في منع الهجرة الفلسطينية داخل حدودها، لاسيما إذا تم حرف مسار الجدار الفاصل نحو الغرب والجنوب والشمال، باتجاه الأحياء السكنية اليهودية، وبالتالي فإن إمكانية معاودة هذه الهجرات من جديد أمر قابل للحدوث لذات الأسباب التي حدت بحدوث الهجرات السابقة.