لا تزال النساءُ في المجتمع الفلسطيني يواجهن مشكلات في الحصول على حقهن منَ الميراث، الذي كفلته لهن الشّريعة الإسلامية، والقانون المدني الفلسطيني، إلا أنّ الكثير منهن يتنازلن عن حقهن للحفاظ على الرابط الأُسري مع أشقائهن.

ومن هنا انطلقت حملة "ميراثك من حقك" التي ينفذها مركز شؤون المرأة بغزة، ضمن مشروع حماية واحترام حقوق النساء والفتيات وذوات الإعاقة المهمشات والنّاجيات من العنف في قطاع غزة، بالشّراكة مع جمعية الهلال الأحمر القطري، وجمعية عبد الشافي الصحية والمجتمعية، وبتمويل الاتحاد الأوروبي.

وتقول منسقة الدعم النفسي والاجتماعي في المركز اعتماد وشح: "حق الميراث هو حقٌ شرعي وقانوني كفله للمرأة القانونُ الفلسطيني، والشرائع السماوية، مثلما كفلته المعاهدات، والمواثيق الدولية حقًّا أساسيًّا من حقوق الإنسان".

وتضيف وشح لـ"فلسطين": "عند التطبيق الفعلي تحرم النساء من ميراثهن، بسبب الموروث المجتمعي، ولا سيما إذا كانت متزوجة من عائلة أخرى غير عائلتها، والبعض يمارس عنفًا ضد النساء، ويمنعهن من الزّواج".

وتُبين أنّ الحملة جاءت نتيجة احتياج ماسٍّ من النساء الفلسطينيات، وتلقي المركز العديد من الشكاوى لكثير حُرمنَ الميراث، ولا سيما في المحافظة الوسطى، لذا استُهدفن في هذه الحملة.

وعن الهدف من حملة "ميراثكِ من حقك"، تُشير وشح إلى تشجيع النساء على نيل حقهن في الميراث والملكية بالتوعية، "فغالبيتهنّ يعانين الظلم، وعدم تحصيلهن مستحقاتهن، بسبب العادات والتقاليد المجحفة التي تفرض عليهنّ عدم مطالبتهن بميراثهن".

وتلفتُ إلى أنّ حملة المناصرة تشمل: توزيع مطويات، وعقد العديد من الورش التوعوية، وتنفيذ طاولات مستديرة للمساءلة والمحاسبة مع صناع القرار، كذلك بث سلسلة حلقات إذاعية عبر القنوات والفضائيات عن حقوق النساء، والآليات التي يجب أن تتبعها النساء لنيل حقوقهنّ المشروعة.

وتوضح وشح أن الحملة تُعرف النساء بالجهات التي يمكن أن يتوجهنَ إليها لمساعدتهنّ من أجل المطالبة بحقوقهنّ، كنقابة المحامين، التي تضم وحدة خاصة بقضايا الميراث والملكية، إذ تمثل النقابة النساء مجانًا لاستعادة حقوقهنّ، وتكون قادرة على إدارة شؤون التقاضي.

وحثت وشح النساء على امتلاك الجُرأة والشجاعة للمطالبة بحقوقهنّ، وعدم التنازل عنها، بالتوجه لنقابة المحامين إذا لم يمتلكْنَ القدرة المادية على تحمل نفقات المحاكم.

مشكلة قديمة

ومن جانبها قالت المحامية بالمركز هنادي عكيلة: "نحن نشهد منذ الأزل وحتى يومنا هذا حرمان المرأة من حق الميراث، وربما يصل الأمر إلى ارتكاب جرائمَ كالقتل في حال طالبت بحقها"، لافتةً إلى أن التحديات الاجتماعية والقانونية ساهمت في تباطُؤ حصول النساء على حقوقهن".

وتابعت عكيلة لـ"فلسطين": "لذا كان إطلاق حملة "ميراثكِ من حقك" أولوية لدى المركز، من أجل معالجة إحدى قضايا النساء، ألا وهي الحرمان من الميراث والملكية التي تعانيها الموظفات بالذات".

وأكدت ضرورة توعية النساء بحقوقهن، ولا سيما حق الميراث، وغيره من الحقوق، كالحقوق الشرعية التي يكون لها حق فيها في عقد الزواج، حسب الإجراءات المتفق عليها.

كما شددت على ضرورة توعيتهن بحقوقهنّ عند التوقيع على الأوراق التي تنص على تنازلهن رسميًّا عن أحد الحقوق، سواء إذا كانت مجبرة أو دون علمها بما توقع.

وتفيد معطيات حكومية بأن 12% من النساء الفلسطينيات فقط يحصلن على حقوقهن الشرعية من الميراث، وتؤكد مؤسسات حقوقية ونسوية أنّ حرمان المرأة من الميراث يضعف تمكينها الاقتصادي ويؤثر في نمو أسرتها.