القدس ومكة صنوان: القدس القبلة الأولى، والكعبة في مكة القبلة الخاتمة. وإذا كانت الكعبة والأقصى صنوَين فإذا ذكرت أحدهما ذكرت الأخرى، فإنه يمكننا أن نقول إن غزة والقدس صنوان. غزة والقدس جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له الجسد بالسهر والحمى. حين اشتكت القدس تغوُّل الاحتلال على الشيخ جراح لبّت غزة النداء فكانت سيف القدس ودرع الأقصى.
غزة قدمت الشهداء تلو الشهداء من أجل الدفاع عن القدس والشيخ جراح. غزة على تواصل قلبي دائم مع القدس، ولأنها كذلك عقدت أمس جامعة فلسطين العتيدة بغزة مؤتمرًا علميًّا بعنوان: "مؤتمر كلية التربية العلمي الدولي الثاني: القدس تحت الاحتلال في العقدين الثاني والثالث من القرن الحادي والعشرين: الواقع وآفاق المستقبل".
كان المؤتمر في ثلاثة محاور رئيسة، هي: المحور التربوي والديني. والثاني المحور السياسي والقانوني. والمحور الثالث المحور الإعلامي. المحاور الثلاثة تتكامل حول بيان مكانة بيت المقدس بين العواصم العربية والإسلامية، ومنزلتها التاريخية منذ أن فتحها عمر الفاروق رضي الله عنه، ومن خلفه من الخلفاء والحكام.
وأكّد الباحثون أن العلماء الموضوعيين العالميين لم يجدوا أثرًا يهوديًّا في القدس والأقصى، وأنه حين الفتح لم يكن ثمة يهودي يسكن القدس، وأن مزاعم الهيكل هو من الأساطير اليهودية المختلقة.
إذا كانت الفصائل قد لبت نداء الشيخ جراح، فإن (جامعة فلسطين) لبت نداء تاريخ القدس، وعلماء القدس، ونقاء مدينة القدس خالصة للإسلام والمسلمين. وكان أسرى نفحة، وأسرى فلسطين وحرائرها حاضرين في المؤتمر، وقد وعد رئيس الجامعة بعقد مؤتمر جامع في إبريل القادم لأسرى الوطن، وهو وعد حظي بثناء جميل من الحضور.
وقد حظيت مصر والجزائر بتحية خاصة في المؤتمر بحكم وجود باحثين مشاركين من كلا البلدين العزيزين. العمق العربي للقضية مهم، وفلسطين تتمسك بهذا العمق، وإن هرول بعضهم نحو التطبيع، فهذه الهرولة التي تجري لدواعٍ مختلفة لن تميت العمق العربي والإسلامي للقدس في نفوس الفلسطينيين، وبهذا يمكن القول إن رسالة المؤتمر قد تكاملت وطارت مع الأثير نحو الأطراف المقصودة. كل التحية للجامعة وللباحثين المشاركين.