فلسطين أون لاين

تقرير حوار السلطة والأمريكان.. ابتزاز سياسي بوجه اقتصادي

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:

ما زالت السلطة الفلسطينية تعول على الدور الأمريكي في سعيها الدؤوب لإحياء المفاوضات مع الاحتلال والوصول لحل الدولتين الذي أصبح مستحيل الوصول إليه في ظل التغول الاستيطاني للاحتلال على الضفة الغربية.

وأول من أمس، عقد مسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، اجتماعا افتراضيا مع مسؤولين في السلطة الفلسطينية، لتجديد الحوار الاقتصادي الأمريكي - الفلسطيني، في لقاء هو الأول من نوعه منذ خمس سنوات.

وكانت السلطة الفلسطينية قد قطعت الاتصالات مع الولايات المتحدة الأمريكية نهاية عام 2017، ردا على قرار الرئيس السابق، دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، قبل أن تتراجع عن ذلك بعد انتخاب إدارة الرئيس جو بايدن.

ابتزاز واستغلال أزمة

يأتي الحوار الاقتصادي في وقت تمر به السلطة الفلسطينية بأزمة مالية خانقة، إذ لم تعد قادرة حتى على الاقتراض من البنوك المحلية بعد وصول الاقتراض إلى سقفه، وأصبحت مهددة بعدم القدرة على دفع رواتب موظفيها بعدما وصل العجز في ميزانيتها إلى 1.7 مليار دولار، وهو ما يدفع بالعديد من الدول لاستغلال ذلك، في محاولة لابتزاز السلطة. وفق الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف.

ويعتقد عساف في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن سبب تقديم الدعم الأمريكي للسلطة وقبله دعوات قادة الاحتلال لدعم السلطة ليس من فراغ، وإنما للإبقاء على مهامها في حفظ الأمن وحصر المسألة في الجانب الاقتصادي والمعيشي للناس والابتعاد عن القضايا الأساسية كإنهاء الاحتلال وقضية اللاجئين والقدس.

في 21 نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، دعا وزير جيش الاحتلال بيني غانتس خلال مؤتمر نظمته جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA) بعنوان "الأرض"، كل من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والدول المانحة، إلى دعم السلطة الفلسطينية اقتصاديا، منعا لانهيارها، والدفع لبناء الثقة بين السلطة في رام الله وحكومة الاحتلال الإسرائيلي.

ومؤخرًا، دعا رئيس "الشاباك" رونين بار خلال عرض التقييم الاستخباري السنوي للجهاز على مجلس الوزراء السياسي والأمني في (إسرائيل) إلى التحرك لتقوية السلطة الفلسطينية التي تمر بظروف اقتصادية وحكومية صعبة، بسبب مخاوف من انهيارها، لتعزيز الاستقرار في الضفة الغربية وإضعاف حركة حماس.

في هذا الصدد، يرى عساف أن التوجه الأمريكي والإسرائيلي ذاهب بتعزيز الحياة المعيشية للفلسطينيين على طريق إمكانية استئناف المفاوضات، وهي بمثابة رشوة تقدم مقابل الحصول على امتيازات للعودة للمفاوضات بالطريقة التي يريدها الاحتلال وتقديم المزيد من التنازلات والضغط على السلطة للصمت على ما يقوم به الإسرائيليون.

وذكر عساف أن الأمريكان لم يتحدثوا عن مسألة تجميد الاستيطان الإسرائيلي، وهم يماطلون بإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن.

وأشار إلى أن السلطة استبقت الاجتماع بسحب شكوى قدمتها للأمم المتحدة حول نقل السفارة الأمريكية للقدس.

واستغرب عساف استمرار السلطة في الركض خلف حل الدولتين، مع أنه على الأرض أصبح مستحيلا في ظل سياسة الأمر الواقع التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي بتقطيع أوصال الضفة الغربية وبناء مئات المستوطنات، والتي كان آخرها الشروع ببناء 11 ألف وحدة استيطانية قبل عدة أسابيع، وهذا يشير إلى استحالة حل الدولتين.

ويهدف الاجتماع من وجهة نظر عساف، لتأبيد الحكم الذاتي وحصر مهمات السلطة بالجانب الأمني فقط وحصر الصراع وكأنه مشروع "السلام الاقتصادي" الذي تحدث عنه لابيد، وهو ما يسمح للاحتلال من جانب آخر تنفيذ كل مخططاته الاستيطانية بالضفة الغربية والقضاء على أحلام الشعب الفلسطيني بالتحرر وبناء دولته المستقلة.

تراجع البرنامج السياسي

أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العربية الأمريكية في جنين د. أيمن يوسف ينظر بخطورة للحوار، معتبراً أنه مؤشر على تراجع البرنامج السياسي للقضية الفلسطينية لصالح الأجندة الاقتصادية، على أساس أن استمرار المساعدات يصب أكثر في مصلحة الأمن.

وأشار يوسف في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أنه منذ عام على تولي جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة لم يتم التطرق لأي من المواضيع السياسية، كذلك لم يعين مبعوثا خاصة لعملية السلام كما درجت العادة لدى الحكومات الأمريكية المتعاقبة.

ويعتقد أن الخطورة الأخرى تتمثل بأن الحوار سيشجع دولاً أخرى على التطبيع الاقتصادي مع دولة الاحتلال والمضي باتجاه الترتيبات الإقليمية فيما يسمى "السلام الاقتصادي"، وأحد جسورها العلاقات الاقتصادية بالتالي يسهم في تذويب القضايا المهمة خاصة ما يتعلق بقضايا الحل النهائي ورفع الحصار عن غزة.

ولفت إلى أن إدارة بايدن تستمر بنهج إدارة دونالد ترامب والاستمرار بنفس الخطوات، وهو نهج يقوم على معادلة الترتيبات الاقتصادية وتحسين الواقع المعيشي مقابل الأمن الذي ستتولى السلطة مسؤوليته.