تتزامن المناورة العسكرية التي أعلنتها كتائب القسام والعديد من الأحداث، أهمها المماطلة في تنفيذ ما اتفق عليه خلال عملية سيف القدس، ومرور ثمانية أشهر دون إنجاز حقيقي في عملية إعادة الإعمار، وذكرى اغتيال الملهم لفكرة طائرات الأبابيل القائد محمود الزواري في تونس، وذكرى انطلاقة حركة المقاومة الإسلامية حماس الـ(34).
لعل إطلاق المناورة تحت مسمى "درع القدس" يعطي دلالات ورسائل مهمة لعدة جهات، أولها الاحتلال، وشعبنا الفلسطيني في كل مكان، مرورًا بالوسطاء، والحلفاء والداعمين المتضامنين والمناصرين للحركة.
أما الرسالة للعدو فهي أن المقاومة لا تزال في قوتها وعنفوانها، وهي ماضية في مشروع الإعداد ومراكمة القوة، رغم مزاعمكم بتآكل القدرة العسكرية للحركة بعد عملية سيف القدس، وادعائكم تدمير نسبة كبيرة من الأنفاق بقصف ما يسمى "مترو حماس"، وأن المقاومة قد منحتكم الفرصة الكافية للالتزام بما اتفق عليه عشية وقف إطلاق النار خلال عملية سيف القدس في مايو المنصرم، وقد نفد صبرها إزاء عدم الالتزام بشروط وقف إطلاق النار، ما يهدد بالانفجار وعودة التصعيد، والمقاومة مستعدة لذلك.
أما لشعبنا الفلسطيني فهي رسالة مفادها أن مقاومتكم ستظل الحصن المنيع لكم، وحامي الحمى لمقدساتكم وثوابتكم، وأن المقاومة لن تدخر جهدًا في تحقيق مطالبكم العادلة، وتوفير حياة كريمة لكم، وأن الاحتلال لن يشعر بالأمن ما دام جاثمًا على أرضنا، وأنها لا تضيع أي دقيقة أو فرصة دون إنجاز حقيقي يصب في ميزان القوة لشعبنا، ويضعف ويخلخل أركان الاحتلال.
وعلى الوسطاء أن يدركوا هذه الحقائق جيدًا، وأن يعلموا أن المقاومة ملتزمة بأي اتفاق يحقق مصالح شعبها وقضيتها، وأنها ملتزمة بمسئولياتها أمام شعبها كما هي ملتزمة بما اتفق عليه مع الوسطاء، ولكن إذا تشعر بأن هذه التفاهمات لم تحقق هذه المصالح؛ فهي تملك من الإمكانات ما يجعلها قادرة على ردع الاحتلال وتقييد قراره بشأن معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة المحتلة، وفي القدس، خاصة حي الشيخ جراح.
إن الحركة في انطلاقتها الـ34 تؤكد نهجها المقاوم، والاستمرار فيما انطلقت من أجله، ماضية في أهدافها التي وجدت من أجلها، ورغم ما مرت به من محن ومصاعب نجحت في أن تكون الرقم الصعب في المعادلة، فهي تملك من الإمكانات والقاعدة الجماهيرية داخليًّا وخارجيًّا ما يؤهلها لقيادة المشروع الوطني نحو تحقيق الأهداف بالحرية والعودة.
وهي الوفية لدماء الشهداء القادة والجند، فلا تنسى كل حر شريف، قدم لهذا المشروع الوطني من وقته، وماله، ودفع حياته للوصول لهذا الإنجاز الذي بات يؤرق الاحتلال، ويهدد كيانه المارق على أرضنا، خاصة المخلصين الشرفاء أمثال المهندس الزواري وآخرين، ممن كان لهم دور حقيقي في تطوير قدرات المقاومة وتمكين أدوات القوة لها من مال أو معلومة.
إنها رسائل الثقة والاطمئنان لكل أحباء القضية الفلسطينية وأنصارها، وعد وعهد أن تبقى المعركة مفتوحة، والإعداد على قدم وساق، والجهوزية على أهبة الاستعداد، لن نتخلى عن هذا الطريق الذي ارتضيناه نهجًا لنا، فلن نخذلكم ولن نتراجع، وسنكون دومًا رأس الحربة التي تدافع عن قضية الأمة المركزية، والركيزة الأساسية للتمسك بالحقوق، وإقامة العدالة حتى الوصول إلى النصر المنشود.