يسلط إفراج الاحتلال عن الشيخ رائد صلاح زعيم الحركة الإسلامية "المحظورة" في فلسطين المحتلة، بعد قضائه محكومية امتدت سبعة عشر شهرا، الضوء مجدداً على واقع العلاقة المتأزمة بين الحركة وسلطات الاحتلال، في ضوء ارتفاع أصوات التحريض ضدها من قبل أوساط حكومية وبرلمانية وأمنية.
ويمكن قراءة الدوافع الإسرائيلية خلف الاستهداف المركز للشيخ رائد بسبب اتهامه مع رفاقه لتأسيس البنية الصلبة للحركة الإسلامية، وهنا يكون التخوف الإسرائيلي كبيراً من نوازع انفصال فلسطيني، أو أن تكون مثيرة للقلاقل الأمنية، أو تشكل بنية مساعدة لمقاومة الفلسطينيين في الضفة وغزة، واعتبارها التحريض ضد الاحتلال كافياً لخلق نوعيات فلسطينية مرتبطة بالمقاومة.
لا تستهين إسرائيل بالجهد الخيري والاجتماعي الذي مارسته الحركة الإسلامية بقيادة الشيخ رائد في دعم وكفالة الأيتام وأبناء الشهداء والأسر الفقيرة في الضفة الغربية وقطاع غزة، معتمدة في ذلك على التبرعات التي حصلت عليها من فلسطينيي 48، ورغم أنه عمل مارسته الحركة، قبل حظرها، بشكل علني وقانوني، لكن شكل مصدر اتهام لها، وسببا في إغلاق جمعياتها، واعتقال أبنائها تحت بند أن هذه الأموال تذهب للمقاومين بشكل أو بآخر.
ويبدو أن ما لا تقوله إسرائيل هو خوفها من استمرار تعزز مشاعر الوطنية والارتباط بالقضية الفلسطينية لدى فلسطينيي الداخل عبر ربط أبناء الشهداء مثلا بكفلاء ميسورين من عرب الـ48 من جهة، ومن جهة أخرى ما ساهم به الشيخ رائد في جهوده القاضية باتجاه "أسلمة الداخل وإفشال مخطط "الأسرلة".
فضلًا عما تقدم، فقد دأب الاحتلال عبر أجهزته الأمنية لتوجيه اتهام مباشر للحركة الإسلامية بزعامة الشيخ رائد بأنها تقف وراء حملات التحريض في التجمعات السكانية البدوية لحث الشباب على عدم التطوع للخدمة في الجيش، ويدعي أن الحركة تمارس ضغوطاً على عائلات الشباب البدو لمنعهم من الخدمة، بجانب مضي الحركة الإسلامية قدما في بسط سيطرتها على المساجد في فلسطين المحتلة، واستغلال ذلك في التحريض ضد الاحتلال.
لقد سجن الشيخ رائد في سجون الاحتلال في وقت مبكر من حياته السياسية، وبعد خروجه كان يوضع تحت الإقامة الجبرية، ويمنع من السفر، فضلا عن تعرضه لمحاولة اغتيال على يد قوات الاحتلال خلال مواجهات انتفاضة الأقصى، وأصيب برصاصة في وجهه، حتى اعتبره قادة الاحتلال بأنه "خطر" على الدولة بأسرها.
إن الناظر لسلسلة الملاحقات الأمنية المتواصلة للشيخ رائد من الاحتلال يخرج بقناعة مفادها أن ما يحصل فعلاً هو سعي إسرائيلي حثيث لتلفيق ملفات، الغاية منها مطاردته، وحصر فعاليته، ومحاولة ثنيه عن مسيرته ومساره وموقفه ضد ممارسات الاحتلال في القدس والأقصى.