تمكنت حركة المقاومة الإسلامية حماس خلال 34 سنة من قيادة المشروع الوطني الفلسطيني المقاوم للاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين وتفوقت على ندها حركة فتح التي اتخذت خطا مغايرا وسارت وراء أوهام السلام الذي لم يتحقق ولن يتحقق.
وتحولت حماس إلى أملٍ حقيقيٍّ للأمة في التحرير بعد أن خاضت أربع حروب متتالية وسجلت فيها نصرا إستراتيجيا وخاصة في الحرب الأخيرة التي وصلت فيها صواريخها إلى كل المدن فلسطين التاريخية لتحمل معها رسائل العز والفخار والبشرى بقرب تحرير هذه المدن والقرى التي أجبر أهلها على تركها قبل أكثر من 70 عامًا.
خلال 34 عامًا من نشأتها وعلى الرغم من كل التحديات والصعاب التي واجهتها من أبعاد واعتقال واغتيال لقادتها والضربات القوية، لكنها بقيت قوية شامخة وخرجت أكثر قوة واحترامًا في قلوب الجماهير ولم تجعلها تحيد عن طريقها وخطها الذي رسمته لنفسها في ميثاق انطلاقتها والذي عبدته بدماء شهدائها وتضحيات أبنائها، بل زادتها قوة وأثبتت أنها رأس الحربة في مواجهة المشروع الاستيطاني التوسعي الصهيوني.
أثبتت الحركة أنها الأكثر جرأة والأقدر على تكبيد الاحتلال الخسائر وإرهاقه على مختلف المستويات وتحطيم معنويات جنوده وتجسد ذلك جليا وبصورة واضحة في معركة سيف القدس الأخيرة التي انطلقت لردع المحتلين عن الاستمرار في جرائمهم بحق المدينة المقدسة والتي شكلت انعطافة مهمة في تاريخ الصراع مع دولة الاحتلال.
في ذكراها الرابعة والثلاثين تمكنت الحركة من تحقيق الكثير من النقاط والإنجازات منها توحيد فلسطيني الداخل والضفة والشتات على حيث خرجوا جميعهم يهتفون باسم المقاومة وباسم قائد الجناح العسكري محمد الضيف.
أثبت الحركة قدرتها على جعل دولة الاحتلال الإسرائيلي تعاني آثار هذه المعركة لفترة طويلة وأضعفت قوة الردع الإسرائيلية، ما جعل الحركة تستحق بكل جدارة قيادة الشعب الفلسطيني في المرحلة القادمة في مقابل ذلك تراجع كبير لقدرة فتح التي ارتضت لنفسها الاستمرار في أوهام مشروع التسوية والمفاوضات والتنسيق الأمني.
التحركات السياسية التي قامت بها حركة حماس بعد معركة سيف القدس بقيادة رئيس مكتبها إسماعيل هنية مكنتها من تعزيز علاقتها بالعديد من الدول العربية ودول آسيوية وروسيا وغيرها، كما أنها فرضت على الولايات المتحدة التدخل وبكل قوة لإيجاد حل لمعضلة غزة وطرح مشاريع لتحسين الواقع الاقتصادي والاجتماعي للفلسطينيين في الضفة والقطاع وأثبتت الحركة أنها رقم صعب ولاعب رئيس في المنطقة لا يمكن تجاوزه.
حركة حماس التي تحتفل بانطلاقتها في هذه الأيام وقفت سدًّا منيعًا في مواجهة مشاريع التطبيع الإبراهيمية ومشاريع تصفية القضية الفلسطينية بما فيها صفقة القرن الترامبية التي لم ترَ النور بفضل وعي شعبنا وإصراره على التمسك بحقوقه رغم التضييق الاقتصادي.
وفي غضون ذلك نجحت في كثير من الخطوات على صعيد تعزيز قوتها في الضفة الغربية من خلال العمليات "التي ينفذها شبان ينتمون إليها ومواجهة استفزازات الاحتلال ومستوطنيه وإجراءات الضم وسياسات التنسيق الأمني للسلطة.
إن حركة حماس إذ تستقبل عامها الخامس والثلاثين مطالبة بعمل الكثير حتى تتمكن من أن تشكل مظلة لجميع فصائل وقوى المقاومة؛ وقيادة المشروع الوطني وفي مقدمة ذلك التخلص من كل السلبيات والشوائب التي رافقت مسيرتها وخاصة في سنوات إدارتها لغزة.
كما أنها مطالبة باتخاذ كل الخطوات التي تقود لإنهاء حالة الانقسام والتشرذم الفلسطينية ويعيد الحالة الفلسطينية برمتها إلى بوصلتها الحقيقية في مواجهة المشروع الصهيوني.
في ذكراها الرابعة والثلاثين أصبح شعبنا على قناعة بأن الحركة تسير بخطى واثقة ومعها كل فصائل المقاومة نحو تحقيق أهدافها التي انطلقت من أجلها في قيادة المشروع المقاوم حتى تحرير فلسطين كل فلسطين وسيأتي اليوم الذي يفرح به شعبنا في الخلاص من نير الاحتلال والعودة إلى قراه ومدنه وحاراته التي هجر منها قسرًا ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.