بمنتهى الوقاحة ومنطق الاستعلاء وعلى مرأى ومسمع الحضور من ممثلي دول العالم بمن فيهم العرب ومندوب فلسطين، تعامل المندوب السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان مع تقرير مجلس حقوق الإنسان الذي يدين دولة الاحتلال لانتهاكاتها المستمرة والتي لم تتوقف يومًا ضد الفلسطينيين لا سيما في قطاع غزة.
أردان زعم خلال الجلسة قال: "منذ إنشاء هذا المجلس قبل 15 عامًا، وهو يوجه اللوم والإدانة إلينا، بل أصدر 95 قرارًا يدين (إسرائيل) من أصل 142 إدانة لجميع دول العالم، هذا التقرير مكانه سلة المهملات".
إن هذا السلوك الذي اقترفه مندوب دولة الاحتلال في الأمم المتحدة يبين الوقاحة وسياسة الاستعلاء التي تمارسها دولة الاحتلال والتنكر للقرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة، وإن منطق الاستخفاف بالقرارات الأممية يعتبر سياسة ثابتة لدى دولة الاحتلال التي تعتبر نفسها دولة فوق القانون.
أردان الذي مزّق التقرير على منصة الأمم المتحدة ووضعه في سلة المهملات كان قد سبقه قبل ذلك السفير السابق حاييم هرتسوغ الذي مزّق القرار الذي ينص أن "الصهيونية عنصرية". إضافة إلى تنكر دولة الاحتلال لعشرات القرارات الأممية التي تدعو لمنح الفلسطينيين حقوقهم وتستنكر المجازر بحقهم.
يعتبر تقرير مجلس حقوق الإنسان الذي أوصى بتشكيل لجنة تحقيق في أعقاب الحرب الأخيرة على غزة مؤشرًا بسيطًا على إدراك المؤسسة الدولية لحجم الفظائع والجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية والتي نفّذتها دولة الاحتلال خلال حربها على غزة أيار الماضي حيث أُبيدت عائلات بأكملها تحت أنقاض المنازل التي دمّرتها الطائرات الحربية ودمرت آلاف الوحدات السكنية المأهولة وغير المأهولة في هذه الحرب.
التقرير تطرق أيضًا وضع المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية وانتهاكات قوات الاحتلال المستمرة بحق الفلسطينيين في الضفة والتي شملت أعمال قتل وهدم منازل وتكثيف عمليات مصادرة الأراضي الفلسطينية لبناء مستوطنات عليها وتكثيف عمليات الاستيطان.
إن تمزيق سفير الاحتلال جلعاد أردان تقرير مجلس حقوق الإنسان على منبر الأمم المتحدة يعكس السلوك المتبجح لدولة الاحتلال في تعاملها مع المؤسسات الدولية والأممية واستخفافها المستمر بالقرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة منذ نشأتها وحتى اليوم وهو ما يثبت العقلية العنصرية والإجرامية لدولة الاحتلال القائمة على ارتكاب المجازر والفظائع بحق الشعب الفلسطيني.
إن العالم مطالب بوقف سياسة المعايير المزدوجة، وإنصاف ضحايا الاحتلال، وإيقاف هذا الكيان المارق عند حده، ومحاكمة قادة الاحتلال المجرمين على مجازرهم بحق الفلسطينيين والعرب والمستمرة منذ نشأة هذا الكيان السرطاني الذي زرعه الغرب على أنقاض الشعب الفلسطيني ووفّر له الدعم والحماية ليواصل انتهاكاته المستمرة لحقوق الإنسان ويصبح راعيًا للإرهاب في العالم.
ستظل دولة الاحتلال تمارس أبشع صور البلطجة والعربدة وعدم إقامة أي اعتبار لأي مؤسسة دولية أو قرارات لأن العالم الظالم يواصل صمته المشين عن دولة الاحتلال المارقة وجرائمها المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.
سيواصل قادة الكيان الصهيوني سياسة الاستخفاف بكل المعايير والشرائع الدولية والاممية لان المجتمع الدولي صاحب المعايير المزدوجة لم ولن يجرؤ على محاسبتهم على جرائمهم ومجازرهم بحق شعبنا الفلسطيني ويتصرف بمنطق العاجز إزاء استمرار هذه الجرائم.
ولعل المحزن في الأمر اندفاع دول عربية للتطبيع مع الاحتلال المجرم وإشادتها بإنسانية هذا الكيان القائم عل القتل والارهاب واظهاره بمنطق المحب للسلام والاستقرار واحترام حقوق الانسان رغم ما يمارسه من جرائم ومجازر وحشية.
إن العالم القائم على ازدواجية المعايير بحاجة إلى مراجعة مواقفه إزاء استمرار دولة الاحتلال في التصرف بمنطق الاستعلاء على القانون الدولي وإلزامها وقف جرائمها المستمرة بحق الفلسطينيين في القدس والضفة والقطاع وغيرها من الأراضي الفلسطينية وإنصاف ضحايا الاحتلال.
الأمم المتحدة التي أُنشئت لحماية حقوق الإنسان ومحاربة الاضطهاد وإنصاف الضحايا مطالبة بموقف فاعل إزاء هذه الممارسات وحماية القرارات والمواثيق الدولية لا سيما ما يتعلق بحقوق الإنسان وإلزام دولة الاحتلال تنفيذها، وكنا ننتظر -أقل رد- من الأمين العام للأمم المتحدة موقفًا حازمًا بطرد السفير الاسرائيلي على تصرفه اللادبلوماسي وتطاوله على المؤسسة الدولية .
دولة الاحتلال التي تتصرف بعنجهية ووقاحة منقطع النظير وتتمادى في عدوانها على شعبنا بكل مكوناته عليها أن تدرك أن شعبنا لن يسكت على الظلم الذي يتعرض له وأنه مؤمن بحتمية انتصاره على هذا الكيان الذي قام على جماجم وأشلاء الفلسطينيين لأنه مؤمن بالله ثم بمقاومته التي سطرت أروع لوحات الشرف خلال المعارك مع الاحتلال.