بعد أربعة عشر عامًا قضاها في سجون الاحتلال الإسرائيلي، خرج الأسير المحرر تيسير بريعم (45 عاماً) من دير البلح وسط قطاع غزة، من الأسر محملاً بالكثير من الرسائل والوصايا من رفاقه الأسرى للمقاومة.
رسائل يمكن اختصارها بمطلب واحد للمقاومة "بدنا نروح"، فالمعاناة التي يمر بها الأسرى داخل سجون الاحتلال جعلت مطالبهم تتخلص في أمل العودة إلى بيوتهم سالمين، فهم لا يريدون لا منصب ولا مال.
"بريعم" بعد أن خرج الثلاثاء الماضي من سجن عسقلان، أصبح قادراً على أن يحتضن طفلته ألاء التي تركها وعمرها شهر واحد، بعد أن اختطفته قوة خاصة من جيش الاحتلال من بيته الساعة الثالثة فجراً.
يجلس في منزله والأحباء كلهم حوله، ولكن القلب يفتقد أغلى ما يملك فوالدته التي كانت قد أصيبت بجلطة في سنواتها الأخيرة حزناً عليه وعلى أخيه واخته الذين توفاهم الله في سنوات ماضية، كانت تمني نفسها وتعد الأيام على خروجه لتضعه في قلبها الذي أضناه الشوق والتعب.
ولكن إرادة الله كانت أكبر من أي شيء لتغادر والدة بريعم الحياة قبل أن يخرج من السجن بـ 50 يوماً، لتبقى فرحة الخروج من الأسر ناقصة ويبقى فقدان أعز الأحباب غصة في قلب "بريعم" ويبقى الأمل في اللقاء الدائم بعد ذلك في الجنان.
سنوات الأسر
ورغم أن "بريعم" اعتقله الاحتلال وعمره لم يتجاوز 28 عاماً تاركًا خلفه خمسة أبناء، إلا أنه أبى أن تضيع سنوات عمره داخل السجن هباء، فقرر أن يتجه إلى الدراسة ليحصل على بكالوريوس في تخصصي التاريخ والعلوم السياسية.
يقول: "كنت على مدار سنوات الأسر وأنا أرى أن وقتي في السجن هو فرصة لأطور نفسي على الصعيد التعليمي فكنت دائماً ما أرى أن التعلم هو الحق الذي يجب انتزاعه بالقوة من إدارة سجون الاحتلال، وهو ما حصل فكانت السجون عبارة عن جامعات الجميع إما يحمل الكتاب للدراسة أو الدفاتر لكتابة الملخصات".
ويضيف: "فرغم الأسر والمعاناة التي يعيشها الأسرى، إلا أن الكثيرون كانوا حريصين على أن يحققوا شيئاً رغماً عن أنف الاحتلال الذي كان يغتاظ من إصرار الأسرى على التعلم وقضاء وقتهم في كل ما هو مفيد".
رسائل الأسرى
وحمل "بريعم" رسالة من الأسرى وخاصة الأسير محمود العارضة الذي تواجد معه في سجن النقب في الفترة الأخيرة، إلى المقاومة في غزة، تطالبهم بالمسارعة في عقد صفقة لتحريرهم من سجون الاحتلال، وأنهم يعلقون الآمال عليها ليعودوا إلى بيوتهم سالمين كما وعدتهم كتائب القسام والناطق باسمها أبو عبيدة.
وأشار إلى أن الاحتلال يتعامل مع الأسرى وخاصة المرضى منهم معاملة مسببة للموت البطيء، فالأسرى في سجن الرملة يعانون من الإهمال الطبي والمماطلة في توفير الدواء لهم أو حتى السماح بإجراء عمليات جراحية مستعجلة.
وبين أن الاحتلال صعد من هجمته ضد الأسرى بعد عملية "نفق الحرية" وانتزاع ستة من الأسرى حريتهم عبر نفق من سجن "جلبوع"، فزاد معدل التفتيشات المفاجئة، والدق على الشبابيك بشكل مزعج للغاية لمدة لا تقل عن 45 دقيقة لأكثر من مرة في اليوم الواحد.
وأضاف بريعم:" أصبح لدى جنود الاحتلال هوس أمني من تكرار عملية الفرار من السجن على غرار عملية "نفق الحرية"، فأصبحت عمليات التفتيش تطال كل شيء في السجون"، مطالبا جميع الجهات الفلسطينية المسئولة القيام بدورها والوقوف مع الأسرى في المحنة التي يمرون بها.