كرر الرئيس محمود عباس في زيارتَيْه للجزائر وتونس الدعوة إلى مؤتمر دولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وكرر تهديده بقوله: "إذا استمر الاحتلال في طغيانه وممارساته العدوانية ضد شعبنا ستكون لنا خياراتنا وإجراءاتنا في وقت قريب".
ما قاله محمود عباس يتضمن نقطتَيْن: الأولى معلومة الإجابة، والثانية مجهولة، في الأولى التي تُعنى بالمؤتمر الدولي الإجابة تقول إنه لا توجد فرصة بنسبة ٥٪ لانعقاد مؤتمر دولي يعمل على إنهاء الاحتلال، وعباس يعلم هذا منذ سنوات عديدة. عباس كان قد أطلق دعوته هذه منذ بداية عهد نتنياهو في الحكم، أي قبل ما يزيد على عشر سنوات، ولم تستجب له دولة الاحتلال، ولم تشاطره الدعوة أي من الدول الكبرى عدا روسيا. والخلاصة تقول إن هذه الدعوة المتكررة مثلها مثل خض الماء لاستخراج الزبدة!
أما النقطة الثانية، وهي التي يهدد فيها محمود عباس باتخاذ إجراءات جديدة، وتبني خيارات جديدة لم تعمل بها السلطة من قبل، فتاريخيا كانت بداية هذه التهديدات في كلمته أمام مؤتمر الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخير، ويومها منح عباس (إسرائيل والمجتمع الدولي) سنة واحدة للعمل على إنهاء الاحتلال. ومن المعلوم أن المجتمع الدولي، وأعني هنا الدول الكبرى والمؤثرة في الصراع، لم يلتفت أي منها لتهديدات عباس، وكذا لم تهتم بها دولة الاحتلال، إما لأنها لا ترى فيما يقول عباس جدية، وإما ما يخيف، وإما لأنها تراها تهديدات فارغة ليست ذات مغزى، وعباس فاقد للخيارات، وما يجري هو للاستهلاك المحلي والإعلامي.
أنا شخصيا أفترض أنها تهديدات جادة، وأن لدى الرئيس خيارات معقولة، ولكن من حقي كمواطن أن أطالب الرئيس أو من ينوب عنه بتوضيح هذه الخيارات، وبيان الإجراءات الجديدة المحتملة، حتى يكون الشعب على وعي بها، وعلى استعداد لتحمل تبعاتها، وهل هي من تلك الخيارات التي تطرحها الفصائل كتجميد اتفاقية أوسلو وتوابعها، أو سحب الاعتراف بدولة (إسرائيل) إلى أن تعترف (إسرائيل) بدولة فلسطينية، أو أنها ستقف عند حدود وقف التنسيق الأمني؟ نريد توضيحا، ولكن من المعلوم مسبقا أنه ليس بين خيارات عباس إطلاق يد المقاومة في الضفة الغربية! ودون هذا الخيار لا خيار، والله أعلم.