كانت الكويت مركز انطلاق حركة التحرر الوطني الفلسطيني ولا سيما حركة فتح بقيادة ياسر عرفات. وكانت الكويت الدولة والشعب الأكثر رعاية للوطنية الفلسطينية والأكثر تقديمًا للمساعدات للفلسطينيين. كانت الكويت وما زالت الأقرب لفلسطين وللقومية العربية الرافضة للاحتلال الصهيوني، وللتطبيع مع المحتل.
لقد مارست دول كبرى ضغوطًا على دولة الكويت لتطبيع علاقاتها مع (إسرائيل) كما فعلت الإمارات والبحرين، ولكن دولة الكويت تحدت هذه الضغوط، ورفضت التطبيع ما لم تحل المشكلة الفلسطينية. الموقف الكويتي العروبي ينبع من قناعات راسخة في السياسة الكويتية، وقناعات محروسة بالديمقراطية الكويتية، التي تعد الديمقراطية الأرقى في البلاد العربية.
أمس السبت أصدرت الكويت قرارًا وزاريًّا عن وزيرة الأشغال ووزيرة الدولة لشؤون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (رنا الفارس) يحظر دخول السفن المحملة ببضائع من وإلى (إسرائيل) عبر مياه الكويت الإقليمية. مع اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال من يخالفون القرار.
قد يستغرب بعض القراء الموقف الكويتي الصادر عن إمارة محدودة، ذات علاقة مميزة مع أميركا بسبب دور أميركا في تحرير الكويت، كيف تخالف الكويت السياسة الأمريكية؟! أنا زرت الكويت وأتابع المواقف الكويتية، ولا سيما مواقف البرلمان الكويتي، وتعرفت إلى سياسة الكويت المتوازنة في المنطقة حيث البيئة الجغرافية الحاكمة، وتعرفت إلى الثقافة الكويتية، لذا لا أستغرب الموقف الكويتي من رفض التطبيع مع (إسرائيل)، بل هذا هو ما ينسجم مع الحالة الكويتية ومع مكونات الكويت أميرًا وحكومة وشعبًا.
إذا كان التطبيع مع المحتل يمثل في الإمارات والبحرين حالة انسجام سياسي يرتبط بالبيئة والثقافة، فإن الرفض الكويتي ينسجم مع واقع الكويت الدولة الأكثر ديمقراطية، والأكثر تمسكًا بالعروبة. طبعًا تطبيع دول الخليج والأردن والمغرب يضغط على الموقف الكويتي لكي تلتحق باتفاقية أبراهام، ولكن الكويت التي تدرك جيدًا مفهوم الاحتلال تتحدى الضغوط وترفض منطق التطبيع وترى فيه خذلانًا للشعب الفلسطيني. كل التحية لشعب الكويت ولمواقف الكويت الرسمية والبرلمانية.