في خطوة تهدف لإرضاء الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة، أقدمت قيادة السلطة برام الله على تأجيل دعوى قضائية قدمتها لمحكمة العدل الدولية ضد الاعتراف الأمريكي بمدينة القدس المحتلة عاصمة مزعومة لدولة الاحتلال، ونقل السفارة الأمريكية إليها.
ويعكس قرار السلطة تشبثها بخيار التسوية والعودة للمفاوضات مع الاحتلال، والرهان على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ومواصلة إهدارها حقوق الشعب الفلسطيني والتخلي عنها في محكمة العدل الدولية.
وجاء في التقرير الرسمي للمحكمة، أن السلطة أودعت في 28 سبتمبر/ أيلول 2018 عريضة إقامة دعوى ضد الولايات المتحدة على خلفية اعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل)، بعد نقل السفارة الأمريكية إليها في ديسمبر/ كانون الأول 2017.
وبيّن أن السلطة بعثت رسالة في 12 إبريل/ نيسان 2021 إلى رئيس قلم محكمة العدل الدولية طالبته فيها بـ"تأجيل المرافعة الشفوية" للقضية التي كان من المقرر إجراؤها في 1 يونيو/ حزيران 2021.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة لم تكن تعترض على الطلب الفلسطيني لدى محكمة العدل الدولية، موضحًا أن المحكمة قررت، مع مراعاة آراء الطرفين، تأجيل جلسات الاستماع حتى إشعار آخر.
"لا يعنيها شعبها"
ورأى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف تراجع السلطة عن الدعوى الدولية ضد الولايات المتحدة يثبت أنه لا يعنيها مدينة القدس المحتلة أو الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني، لافتًا إلى أنها تظن أن تراجعها عن الدعوى سيرفع أسهمها لدى الإدارة الأمريكية.
وأوضح الصواف في حديث لصحيفة "فلسطين" أن سحب الدعوى يعني أن السلطة قد تعرضت لضغوطات من الولايات المتحدة على حساب مدينة القدس، عدا عن أنها تريد فقط الحفاظ على مصالحها الخاصة، معتبرًا خطوتها هذه "ليست غريبة عنها"، إذ سبق وأوقفت تقارير حقوقية تدين الاحتلال وجرائمه ضد الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية.
وأشار إلى أن السلطة تحاول استرضاء الولايات المتحدة وجلب الدعم المالي لها من خلال خطوتها الأخيرة، ولن تقدم على محاسبة الاحتلال دوليًّا.
خيار التسوية
ورأى رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" صلاح عبد العاطي، أن تراجع السلطة عن الدعوى الدولية يعكس تمسكها بخيار التسوية، مردفًا: "ننتظر بخطورة شديدة لتراجعها، باعتبارها إجراء واجبًا لضمان إدانة الولايات المتحدة، وأي دول تحاول نقل سفارتها للقدس باعتبارها منطقة محتلة".
واعتبر عبد العاطي في حديث لـ"فلسطين" أن سلوك السلطة هذا يدل على تمسكها بمسار المفاوضات مع الاحتلال والرهان على الإدارة الأمريكية، وهو ما يعد إهدارًا للحق الفلسطيني في الدفاع عن الثوابت الوطنية، عدا عن أن ذلك يدلل على أن السلطة تسير بلا استراتيجية أو رؤية.
وشدد على ضرورة تراجع السلطة عن مثل تلك الخطوات الضارة بحقوق الشعب الفلسطيني، خاصة أنه لا يحق لأي مؤسسة حقوقية ممارسة حق التوجه لمحكمة العدل الدولية، إلا السلطة نفسها، باعتبارها عضوًا مراقبًا في الأمم المتحدة.
وبين أن هناك الكثير من الخطوات التي تراجعت عنها السلطة في المحاكم الدولية، ما يجعل الاحتلال يتقدم دوليًّا؛ كالتحلل من اتفاق أوسلو، والتوجه لمحكمة العدل الدولية، وطلب حماية الشعب الفلسطيني، ودعوة الأطراف السامية للنظر في الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة، ومبدأ الولاية الدولية، واتفاقية مناهضة أشكال التمييز العنصري.