فلسطين أون لاين

تضمن نجاح العملية التعليمية

تدريس الأبناء مهمة مشتركة.. لماذا يغيب عنها الآباء؟

...
صورة أرشيفية
غزة/ هدى الدلو:

وفق خبراء تربويين فإن الوالدَيْن هما المعلم الأول للطفل، وهما المسؤولان عن دعم وإنجاح العملية التعليمية لتحقق أهدافها، فالآباء والأمهات شركاء في التدريس ليضمنوا نجاحًا لأطفالهم في المدرسة.

ولكن نجد في الغالب أن هذه المهمة الصعبة في متابعة الواجبات اليومية للأبناء ومراجعة دروسهم تقع على عاتق الأم وحدها، في حين قد تكون هذه العملية محطة خلاف في حياة الزوجين على الرغم من الدور المهم لكليهما في الحياة التعليمية للأبناء.

وتعد عبير مصلح (33 عامًا) تدريس الأبناء مهمة صعبة ولا يمكن إتمامها دون تشارك، إلا أنها تقودها بتفاصيلها كافة إلى جانب المسئوليات المنزلية الأخرى، إضافة إلى عملها.

تقول مصلح لصحيفة "فلسطين" وهي أم لأربعة أبناء: "في كل مرة تُلقى هذه المسئولية على عاتقي، ويترك زوجي هذه المهمة لي بحجة أن لا طول نفس لديه لأدائها وساعات دوامه الطويلة، على الرغم من ارتباطي في متابعة شئون البيت ووظيفتي".

وتتوقع أن ينتهي هذا التعب بعد أعوام قليلة إذ يفترض بأبنائها الاعتماد على أنفسهم، ولا يبقى بالنسبة لها سوى مهمة الزيارة الدورية للمدرسة.

في حين إياد حمدان (37 عامًا) الذي يعمل تاجرًا، فإنه يرى بغيابه عن البيت طيلة ساعات النهار ولا يعود إليه إلا بعد صلاة العشاء مبررًا قويًا لعدم مشاركته في هذه المهمة، حيث يعود وقد أنهى أبناؤه كل مهامهم البيتية وواجباتهم المدرسية ولا يستمع إلا لتعليقات زوجته عن يوم متعب قضته بين الكراسات والكتب والمراجعة.

ويلفت إلى اعتقاده بمبالغة زوجته في وصف هذا العناء، حتى وضع تحت التجربة ولظرف بيتي فرض عليه متابعتهم يومًا ما.

يقول: "يومها شعرت بالتعب من وراء الصراخ والمتابعة وغيرها وطلبت منها ألا تكلني إلى هذه المسئولية، فعلى استعداد أن أفعل أي شيء أما مهمة التدريس فلا روح ولا طاقة لدي وتحتاج إلى نفس طويل".

أما علا صادق وهي أم لخمسة أبناء بمراحل تعليمية مختلفة، فتشترك مع زوجها في مهمة تدريس أبنائها، ولكنَّ أبناءها لا يرغبون كثيرًا في اللجوء إليه لسرعة انفعاله.

وتشير إلى أن زوجها على استعداد لمشاركتها في مهمة تدريس الأبناء، ولكن عدم تفضيل أبنائها يدفعها لتحمل المسئولية بمفردها.

توزيع وتبادل الأدوار

وإذ يقر الاختصاصي النفسي والاجتماعي د. إبراهيم التوم، بأهمية دور الأم المجتمعي والأُسري التي عمادها الأب والأم، يؤكد أن لكل منهما دوره الأساسي والتشاركي والتعاوني، وهذه قاعدة تربوية أسرية لبناء مجتمع سوي وسليم.

ويشير إلى أنه مع اختلال التوازن في المجتمعي والأسري وتسارع وتيرة الحياة وما نتج عنها من ضغوط أسرية واقتصادية واجتماعية أدى ذلك إلى انشغال الأب في توفير متطلبات الأسرة واحتياجاتها المختلفة، فأصبح غير متفرغ إلى تربية الأبناء بشكل عام، ومتابعة التحصيل العلمي لهم بشكل خاص.

ويقول التوم: "أصبحت الأم هي من تتحمل المسئولية بشكل مضاعف ناهيك بالمهام المنزلية وتربية الأبناء، كما أنها غالبًا تهتم في متابعة الأبناء بشكل شبه مستمر، وأحيانًا يكون الأب لا يقدر على متابعة الأبناء من الجانب التعليمي لأنه غير قادر علميًا".

ويضيف: "هناك أيضا نسبة من الآباء ليس لديهم القدرة على تدريس الأبناء لما يتطلبه ذلك من وقت وصبر ومتابعة وجهد وتركيز وانتباه ودراية علمية واجتهاد، وهو فاقد لذلك أو يتهرب أو لا يعنيه أو يتابع الأمر عن بعد، أو يعتبر أن ذلك ليس من مهامه التي تقتصر على توفير الاحتياجات المادية أو أنه منشغل في حياته الخاصة غير مبالٍ".

وينصح التوم الأهل بتوفير جو أسري قائم على الحوار والتفاهم والتعاون، وتوزيع المهام وتبادل الأدوار بما يضمن استقرار وتوازن الحياة الأسرية، وأن التربية مسئولية الأب والأم وهي أمانة أمام الله والمجتمع، فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته.

ويهمس في أذن الأب بأن يكون قريبا من الأبناء ويهتم بهم ويعطيهم الحب والحنان والرعاية، والاهتمام هذا يساعدهم على زيادة التواصل والعلاقة بين الأب والأبناء، ويمنح الأبناء الأمان والثقة، ويكون قريبا منهم بشكل مستمر، ويعطيهم القدرة على الإنجاز ويشاركهم أفكارهم واهتماماتهم وهوياتهم.

التعزيز والمشاركة

ويلفت التوم إلى أهمية دور الأب في تشجيع الأبناء وتعزيزهم بشكل مستمر ويشاركهم في حل الواجبات ومتابعتهم في المدرسة والبيت في التحصيل بشكل دوري ومستمر، ولا بد من الأب والأم أن يقف كل واحد منهما أمام مسئوليته ومراجعة أخطائه والاستفادة من الدروس، والحرص على خلق جو أسري تعليمي ترفيهي تعاوني يشمل القراءة والتدريب والفنون وتبادل الأدوار والمسابقات الثقافية.

ولا بد من التعامل مع الأبناء برفق ولين من خلال التوجيه والإرشاد والمعاملة الحسنة، وتجنب التوبيخ والإساءة والتقليل من الإنجاز في التحصيل العملي للأبناء، وتنمية المواهب ودعم القدرات وفتح أبواب الأمل لمستقبلهم.

ويؤكد التوم أهمية تقديم الدعم والمساندة النفسية والتربوية والتعليمية لهم، وأن يكون الأب قدوة صالحة لهم قولا وفعلا، وزيادة الترابط الأسري يقوي وينشر المحبة ويزيد من الاستقرار والتوازن الأسري ويشجع الأبناء على الانتباه والتركيز وزيادة التحصيل والتفوق والتميز.