معظم الدول الغربية، ودول أمريكا اللاتينية، ودول المنظومة الشيوعية، وعددها 33 دولة، وافقت على قرار 181، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر من العام 1947، والذي يقضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين: دولة يهودية تقوم على مساحة 15 ألف كيلو متر مربع، بنسبة 56.5% من أرض فلسطين، ودولة عربية تقوم على مساحة 11 ألف كيلومتر مربع، بنسبة 42.3% من أرض فلسطين، على أن تبقى مدينة القدس ومحيطها، بالإضافة إلى مدينة بيت لحم تحت السيادة الدولية.
أما الدول التي رفضت قرار التقسيم فهي عشر دول عربية وإسلامية، أفغانستان وإيران وتركيا وباكستان ومصر ولبنان وسوريا والسعودية واليمن والعراق، بالإضافة إلى ثلاث دول أجنبية، وهي كوبا والهند واليونان.
فلماذا رفض العرب قرار التقسيم؟
باستثناء الحزب الشيوعي الفلسطيني، فقد رفض كل العرب قرار التقسم، وذلك للأسباب التالية:
أولًا: اعتبر العرب أن القرار مجحف بحق السكان العرب الأصليين الذين كانوا يمثلون نسبة 67% من مجمل السكان، في حين كانت نسبة السكان اليهود 33% فقط من مجل السكان، ومعظم هؤلاء اليهود قدموا إلى فلسطين قبل عدة أشهر وسنوات.
ثانيًا: لأن قرار التقسم أعطى 56.5% من أرض فلسطين لليهود الذين كانوا لا يمتلكون إلا 7% فقط من التراب الفلسطيني، وأبقى القدس تحت السيادة الدولية.
ثالثاً: لقد أدرك العرب من خلال التجربة أن الموافقة اليهودية على القرار مقدمة لاستيلاء اليهود على المزيد من الأراضي العربية. وهذا ما أفصح عنه ديفيد بن غوريون، بعد سبعة أشهر من قرار التقسم، حين قال أمام قيادة الوكالة اليهودية: وافقنا على قرار التقسيم بشكل مؤقت، وحين تقوم دولتنا اليهودية، سنعرف كيف نستولي على كل فلسطين؟
فهل كان قرار التقسيم نصرا لليهود؟
بكل تأكيد، فقد بذل زعماء الحركة الصهيونية جهودا كبيرة لإقناع الدول المترددة، بل عملوا على تأجيل التصويت من ال 26 نوفمبر إلى 29 من نوفمبر، كي يتمكنوا من إقناع ليبيريا والفلبين وهاييتي للتصويت مع القرار، وقد شارك بعض السياسيين ورجال الأعمال الأمريكيين الضغوط على الدول المترددة، ومارس المليونير الأمريكي المشهور صامويل فايرستون) صاحب مزارع المطاط في ليبيريا، مارس الضغط على ليبيريا، حتى صوتت مع القرار.
فهل وافق كل اليهود على قرار التقسيم؟
في اليوم التالي لقرار التقسم، في 30 نوفمبر 1947، أعلن مناحيم بيغن، زعيم إحدى العصابات الصهيونية في حينه، وصار رئيس وزراء فيما بعد، أعلن عن عدم اعترافه بقرار التقسيم، وأن كل أرض الميعاد ملك لليهود وستبقى كذلك إلى الأبد.
فماذا فعل العرب والفلسطينيون؟
كعادتهم، اجتمع العرب، وقرروا: إرسال مذكرات شجب وإدانة شديدة اللهجة لبريطانيا وأمريكا، وقرروا إقامة معسكر تدريب للمقاومين قرب دمشق، أغلقوه مجرد احتجاج بريطانيا، وأعلنوا عن تشكيل جيش الإنقاذ، وخذلوه، واستعدوا للتبرع بمليون جنية، لم يصل منها قرش واحد لثوار فلسطين.
أما الشعب الفلسطيني، فقد التف حول المفتي أمين الحسيني، وخاض معارك الدفاع عن فلسطين مع القائد البطل عبد القادر الحسيني، رغم عدم تعادل كفة التسليح والإعداد، ورغم رفض جامعة الدول العربية طلب المفتي الحاج أمين الحسيني تشكيل حكومة فلسطينية وطنية، لتكون نتيجة هذا الخذلان العربي والدولي قيام دولة إسرائيل على كل أرض فلسطين، وتشريد سكانها.
بعد ثلاثين عاما من صدور قرار التقسيم، سنة 1977 قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن يكون يوم 29 نوفمبر من كل عام، يومًا عالميًا للتضامن مع الشعب الفلسطيني، إنه يوم للخطب الرنانة، وللشجب والإدانة، وللاحتفالات الممزوجة بالرقص والغناء، وهز الكتف بحنّية، وللتغطية على جذر الصراع، والذي يجب أن يقوم على تمزيق الاتفاقيات، ورفض كافة أشكال التنازلات، والتصعيد في المواجهات.