في الوقت الذي يواصل فيه الأردن والاحتلال استئناف علاقاتهما، بعد سنوات من التوتر في ظل عهد نتنياهو، توصل الجانبان إلى بلورة اتفاق ثنائي بينهما نتيجة اتصالات سرية جرت في سبتمبر، بحيث ستقيم شركة إسرائيلية مملوكة لدولة الاحتلال مزرعة ضخمة للطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء في الصحراء الأردنية، وسيشتري الاحتلال الكهرباء من الأردنيين، في المقابل سيشتري الأردن منه ضعف كمية المياه المحلاة التي يشتريها اليوم.
من الواضح أننا أمام اتفاقية غير مسبوقة جاءت نتيجة اتصالات سرية بدأت بعد اتفاقيات التطبيع، وهذا أكبر مشروع تعاون إقليمي بين (إسرائيل) والأردن منذ توقيع اتفاق التسوية بينهما في 1994، وكان يفترض أن يُوقَّع الاتفاق قبل أسبوعين في مؤتمر المناخ في غلاسكو، وفيما وافق الملك الأردني عبد الله الثاني على التوقيع، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت رفض، خشية انتقادات المعارضة، ما قد يعرض للخطر إقرار الميزانية، لكن الأمر بات سهلًا الآن بعد تحويل الميزانية.
تزعم (إسرائيل) أن الأردن أعلن جاهزيته للمضي قدمًا بالتوقيع على الاتفاقية، حتى أن المبعوث الأمريكي لأزمة المناخ جون كيري منخرط في المفاوضات بينهما، وشجعهما على التحرك نحو الاتفاق، وقد تحدث عدة مرات حول الأمر مع وزير الخارجية يائير لبيد والملك الأردني، مع العلم أن الاتفاقية تستند لرؤية قدمتها شركة بيئية تضم نشطاء بيئيين إسرائيليين وأردنيين وفلسطينيين.
تتحدث الأوساط الإسرائيلية أنه بعد اتفاقات التطبيع برز هذا الموضوع في محادثات مع الإمارات في إطار التعاون الإقليمي في مجالات الطاقة والمياه، لكن الأردنيين لم يبدوا استعدادًا للتعاون مع مثل هذه الأفكار، وبعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، ودفء العلاقات بين عمان وتل أبيب ازداد الانفتاح على هذه الاتفاقية.
اقترحت الامارات إنشاء شركة متخصصة في الطاقة المتجددة، ومزرعة ضخمة للطاقة الشمسية في الصحراء الأردنية لتوليد الكهرباء، ويوضح الاتفاق أن الدول تهدف لزيادة مزرعة الطاقة الشمسية في المستقبل حتى تتمكن من إنتاج كميات من الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية.
هناك تقديرات إسرائيلية تتحدث أنه سيتم توصيل المنشأة بشبكة الكهرباء الإسرائيلية، ونقل نصف الكهرباء المولدة في الوقت الفعلي لـ(إسرائيل)، وتخزين النصف الآخر لبضع ساعات في الأردن، إذ ستتدفق لـ(إسرائيل) ليلاً، وتقدر أرباح المملكة بنصف مليار شيقل في السنة، وتقسيمها بين الحكومة الأردنية والشركة الإماراتية التي تدير المزرعة، ما يؤكد أننا أمام قفزة نوعية في علاقاتهما، تفيد الاحتلال أكثر من الأردن، سياسيا واقتصاديا، وهو ما يفسر الهبة الشعبية الأردنية الرافضة للاتفاق.