"أنا شاكر لقرار الحكومة البريطانية الاعتراف بحماس منظمة إرهابية، بكل ما يعني ذلك، وهذه خطوة ذات أهمية لا مثيل لها في محاربة الإرهاب". القائل هو هرتسوغ رئيس وزراء دولة الاحتلال والتمييز العنصري. هرتسوغ الذي يتوجه لزيارة بريطانيا يشكر بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني على هذا الانحياز، أو قل على هذا التحالف -بحسب هرتسوغ- حيث قال: "(إسرائيل) هي إحدى حليفات بريطانيا الأكثر إخلاصًا في جبهة الحداثة والتقدم". وهذا في النظرة الموضوعية كلام صحيح فـ(إسرائيل) مخلصة لبريطانيا التي منحتها وعد بلفور، والتي أسهمت بتأسيس الدولة في الفترة الأولى من النشأة، وبريطانيا هي أيضا تخلص الولاء لـ(إسرائيل) لأنها الابنة المدللة لها قديما وحديثا.
يحق لدولة الاحتلال أن تفرح وأن تحتفل بالموقف البريطاني الجديد، الذي ألغى التمييز بين الجناح السياسي والجناح العسكري لحماس، يقول بينيت رئيس وزراء دولة الاحتلال مُرحِّبا بالقرار البريطاني: "هذا يعكس تفهما بريطانيا مرحبا به، وآمل أن يتغلغل إلى أوروبا كلها". ولست أدري من هي الدول المعنية بكلام بينيت!
من المعلوم أن دول الاتحاد الأوربي عدا بريطانيا كانت قد عدَّت حماس منظمة إرهابية منذ سنوات، وبريطانيا التي أمضت سنوات خارج موقف الاتحاد الأوروبي عادت الآن تلحق به، ولا أجد من الدراسة الموضوعية في باب المصالح بين الدول لهذا القرار أي مصلحة لبريطانيا، ولا سببًا بريطانيًّا له اعتبار، غير خدمة (إسرائيل) وتحقيق مصالحها على الأرض البريطانية، بعدما أظهر المهاجرون الفلسطينيون والعرب والمسلمون تعاطفا قويا مع غزة، ومع حماس في الحرب الأخيرة.
في الحرب الأخيرة "سيف القدس" قصفت حماس مواقع في (تل أبيب)، وهدمت (إسرائيل) في المقابل مجموعة من أبراج غزة، وخرجت مظاهرات في بريطانيا ضد العدوان الإسرائيلي على غزة، وكانت مظاهرات ذات مغزى، آلمت دولة الاحتلال وكشفت عن جرائمها.
يقول المهاجرون العرب، والمحللون: إن الساحة البريطانية هي أنشط الساحات في دول الغرب دعما لغزة، ولفلسطين، وفيها حركة إعلامية وسياسية جيدة لفضح دولة الاحتلال، والتنديد بالاستيطان، وبالتمييز العنصري، وهي الأنشط في الغرب في متابعة انتهاكات (إسرائيل) لحقوق الإنسان في تعاملها مع غزة ومع الفلسطينيين.
قال لي صديق في بلاد الغرب: لو كانت لفلسطين شوكة، أو لو كانت لحماس وفصائل المقاومة القدرة على الإضرار بمصالح بريطانيا في المنطقة، لما أقدمت حكومة بوريس جونسون على هذا القرار المجحف بحقوق الفلسطينيين، والمخالف للقيم التي تحكم بريطانيا، والمتجاوز لمصالح بريطانيا التي تدعي أنها تبحث عن الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط!