فلسطين أون لاين

رضوخ بريطاني مهين لضغوط الاحتلال ضد حماس

باللغة السياسية الصرفة، جاء مفاجئاً أن تعلن وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل عن تصنيف حماس، بجناحيها السياسي والعسكري "منظمة إرهابية"، ما تسبب بصدور مواقف وفعاليات فلسطينية وعربية رافضة لهذه الخطوة البريطانية.

ولكن بلغة المصالح المشتركة بين بريطانيا، الأب الشرعي للمشروع الصهيوني، ودولة الاحتلال بحكومتها اليمينية اليوم، فالأمر ليس مفاجئا، لأن تصريحات وزيرة الداخلية البريطانية بشأن تصنيف حماس جاءت بعد أيام قليلة من طلب تقدم به رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينيت لنظيره البريطاني بوريس جونسون خلال قمة المناخ في غلاسكو بهذا الخصوص.

مع العلم أن صاحبة القرار "باتيل"، من أشد الداعمين لدولة الاحتلال، وفي 2017 أُجبرت على الاستقالة من حكومة "تيريزا ماي" بعد عقدها اجتماعات سرية مع الحكومة الإسرائيلية، لمناقشة منح أموال المساعدات الخارجية البريطانية للجيش الإسرائيلي، لكن جونسون عينها وزيرة للداخلية عندما خلف "ماي" في رئاسة الوزراء، وتعد من أشد المقربين منه.

لم يعد سراً إذن أن القرار البريطاني الجائر ضد حماس خصوصا، والمقاومة الفلسطينية عموما، إنما يأتي استجابة ورضوخا لضغوط الاحتلال، الوجه الحقيقي للإرهاب، الذي ذاق منه البريطانيون أواخر أربعينيات القرن الماضي، حين نفذت عصابات الإرهاب الصهيونية مثل الهاغاناه والأرغون وشتيرن والبالماخ مجازر ومذابح ضد جنود الانتداب البريطاني على أرض فلسطين المحتلة.

في الوقت ذاته فإن هذا القرار البريطاني ضد حماس لن يؤثر في مشروعية المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، لأنها مشروعة وفق القوانين والأعراف الدولية والإنسانية، ومن يجب وضعه على قوائم الإرهاب هو العدو الإسرائيلي وقياداته التي ترتكب المجازر بحق شعبنا، وهذه الخطوة البريطانية لن ترهب الفلسطينيين أو تخيفهم.

مع العلم أن القرار البريطاني ضد حماس يأتي استمرارا للسياسة البريطانية القديمة الجديدة ضد المقاومة الفلسطينية، لكن من الواضح أن تصنيف بريطانيا لحماس بهذه الوضعية الصعبة، بشقيها السياسي والعسكري، إنما أريد منه تقديم بوادر حسن نية تجاه الاحتلال، بالتزامن مع محاولات جهات أوروبية نافذة شطب اسم الحركة من قائمتها الإرهابية المدرجة منذ 2003، رغبة منها بفتح قنوات حوار رسمية أو غير مباشرة معها.

المفاجئ أكثر أن الاحتلال الذي يمارس ضغوطه على المجتمع الدولي لتصنيف حماس بهذا الوصف السيئ، إنما يرى نفسه مضطرا لإجراء محادثات مع الحركة ذاتها، وإن كان بطريقة غير مباشرة عبر وسطاء محليين وإقليميين ودوليين، لأنه يعتقد أنها صاحبة القرار على الأرض، وهي القادرة على إيلامه وإيذائه، ما يجعله يعوض رضوخه هذا باللجوء لحكومات غربية لحظر الحركة، وتصنيفها أنها "إرهابية"، فأي تناقض صارخ يعيشه هذا الاحتلال؟!