كثر الحديث في الأيام الأخيرة عن قرب التوصل إلى "اتفاق ما" بين المحتل الإسرائيلي والمقاومة في قطاع غزة من خلال وسطاء ورعاة للحوارات غير المباشرة بين الطرفين، ولكن شيئًا لم يثبت حتى هذه اللحظة، ولا بد أن تكون المواقف الرسمية مبنية على معلومات مؤكدة دون الاستناد إلى ما يتم تسريبه أو حتى تلفيقه من مصادر مختلفة ومنها الإعلام الإسرائيلي، وكذلك لا بد من تحكيم المنطق فيما يتعلق بما قد يتم التوصل إليه مستقبلًا استنادًا إلى المحددات التي أقرتها المقاومة وأعلنتها وأكدتها مرارا وتكرارا.
المقاومة أكدت أن ملف التهدئة أو وقف إطلاق النار غير مرتبط بصفقة الأسرى، أي إنه يمكن إتمام صفقة الأسرى إذا ما التزم العدو شروط المقاومة المتعلقة بالصفقة وليس من بينها ما يخص رفع الحصار عن قطاع غزة أو وقف إطلاق النار، فهذا ملف وذلك ملف مختلف تماما، ولكن هذا لا يمنع أن يتم مناقشة ملف صفقة الأسرى وملف التهدئة وحتى ملف المصالحة بالتوازي ولكن دون تداخل بين الملفات أو ربط أحدها بالآخر.
وقف إطلاق النار يعني التهدئة، وليس ثمة فرق بينهما سوى أن التهدئة تشمل وقف جميع أشكال المقاومة الأخرى، والتهدئة تكون مرتبطة بسقف زمني وقد ينخفض أو يسقط هذا السقف بمجرد خرقها من أحد الأطراف، وقد يطول دون اتفاق إذا رأت الأطراف أنه من مصلحتها، والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أكدت أن أي تهدئة مع الاحتلال لا ترتبط بالأوضاع في قطاع غزة بل تشمل كل الأراضي الفلسطينية، أي أن التهدئة ستنتهي إن ارتكب العدو مجزرة مثلا في المناطق المحتلة عام 1948، أو قام بإخلاء سكان حي الشيخ جراح في القدس أو ارتكب جرائم في الضفة الغربية، أي أن التهدئة إن حصلت لن تكون على حساب الفلسطينيين خارج قطاع غزة، وليس من المنطق أن نفكر بهذه الطريقة وخاصة أن آخر معركة وهي سيف القدس ما اندلعت إلا نصرة لأهلنا في القدس وبمبادرة من المقاومة وليس كرد فعل على جرائم ارتكبت في غزة.
ختامًا لا بد من التذكير بأن المقاومة وسيلة وليست غاية بحد ذاتها، فإذا تم إنجاز الأهداف السياسية المرحلية المطلوبة والتي تحقق مصالح الشعب الفلسطيني لفترة محددة من الزمن ليس هناك ضرورة لاستخدامها، وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال التخلي عن سلاح المقاومة أو التوقف عن تطويره والاستعداد لكل السيناريوهات المحتملة، ما لم يتحقق الهدف الأول وهو تحرير كامل التراب الفلسطيني.