فلسطين أون لاين

مع دخول عامه الـ87

عباس يوصل القضية الفلسطينية لطريق مسدود ويستمر في فشله السياسي

...
رئيس السلطة محمود عباس ( أرشيف)
رام الله-غزة/ نور الدين صالح:

دخل رئيس السلطة محمود عباس عامه الـ87، أمضى منها قرابة 50 عامًا في العمل السياسي، أوصل فيها القضية الفلسطينية إلى طريق مسدود، على حين لا يزال يحتكر رئاسة السلطة مواصلًا سياسة التفرد بالقرار وإقصاء الطرف الآخر، وهو ما انعكس سلبًا على حياة الفلسطينيين وفاقم حالة الإحباط لديهم.

وبدأ عباس العمل السياسي الوطني منتصف الخمسينيات، وأنشأ ومجموعة من زملائه تنظيمًا سريًّا في دمشق، واتحد فيما بعد لتكون النواة الأولى في تشكيل حركة التحرر الفلسطيني، وأسس مشروع التوأمة بين المدن الفلسطينية والعربية عام 1978، مثل منظمة التحرير بتوقيع إعلان مبادئ أوسلو 1993، والاتفاقية الانتقالية عام 1995.

وشغل عضو اللجنة المركزية لحركة فتح منذ عام 1958، ورئيس حركة فتح 2004، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير منذ عام 1996-2004، وتولى منصب أول رئيس وزراء للسلطة عام 2003، ورئيس منظمة التحرير عام 2004، ورئيس للسلطة عام 2005.

ولا يزال عباس يتشبث برئاسة السلطة منذ 16 عامًا، مع انتهاء ولايته دستوريًّا في شهر يناير 2009، عدا عن تردي وضعه الصحي، وفق ما تناقلته وسائل إعلام فلسطينية، مواصلًا التنسيق الأمني مع الاحتلال والتمسك باتفاقية أوسلو والمفاوضات العبثية التي حققت "صفرًا كبيرًا" من الإنجازات.

السيد فشل

يقول الكاتب والمحلل السياسي د. محمود العجرمي، إن عباس فشل في كل الملفات التي حملها في حياته السياسية، خاصة منذ بداية عضويته في حركة فتح حينما تولى ملف إقامة العلاقات مع دولة الاحتلال.

ويوضح العجرمي في حديثه مع "فلسطين"، أن عباس أجرى اتصالات ولقاءات سرية عدَّة منذ بداية السبعينيات وجميعها باءت بالفشل، مشيرًا إلى أن الصحف الأجنبية والعبرية تصفه بأنه "السيد فشل".

وبيّن أن مخطط عباس السياسي قديمًا وحديثًا هو التصالح مع دولة الاحتلال وتأدية الأدوار اللازمة لذلك، وصولًا إلى هندسة اتفاقية أوسلو عام 1993، التي جعلت ملفات القضية الفلسطينية كاملة على طاولة الاحتلال.

وأشار إلى أنه حوّل القضية الوطنية الفلسطينية من قضية "شعب يناضل من أجل التحرر والاستقلال في وطنه، إلى إدارة حكم ذاتي في الضفة وغزة"، الأمر الذي أثبت مواجهته للفشل واحدًا تلو الآخر.

وبحسب العجرمي، فإن أوسلو كانت بمنزلة "صك إذعان" للاحتلال ومنحته الفرصة بمسارعة الاستيطان في الضفة قبل عام 2005، في حين أجبرت ضربات المقاومة العدو على الاندحار من القطاع في ذلك العام.

يُضاف إلى ذلك وفق قوله، تقديس التنسيق الأمني مع الاحتلال، وتجاهل قرارات الشرعية الدولية رغم أنها لم تعطِ للشعب الفلسطيني حقوقه، "ليسجل بذلك فشلًا ذريعًا إضافيًا"، عدا عن تفشي الاستيطان في القدس، على مرأى ومسمع السلطة.

وتابع العجرمي: "كل هذه الممارسات تجري وعباس لا يتفرج فقط، إنما يمهد كل الطرق لإنفاذ هذه السياسات والجرائم بحق الشعب الفلسطيني، في ظل انشغاله بالتعاون الأمني وقتل النشطاء ومنع التظاهرات السلمية ضد الاحتلال".

وأكمل: "من الواضح أن عباس عد إجراء الانتخابات التشريعية في 2005 خطيئة لن تتكرر، لكونه يعلم أن أي انتخابات نزيهة في المرحلة الحالية ستُلحق به الفشل من جديد".

وختم حديثه: "بات جليًّا أن هذا العجوز -عباس- وصل إلى خواتيمه بالعمل السياسي وعلى فصائل المقاومة الحية، أن تحاصره وتعزله بل وتقدمه للمحكمة كي يقتص الشعب الفلسطيني منه".

انهيار مستمر

إلى ذلك، يقول الناشط السياسي فخري جرادات إن عباس وسياساته أوصلت الحالة الفلسطينية إلى "الدرك الأسفل"، وما زالت في حالة انهيار حتى هذه المرحلة.

وأوضح جرادات خلال حديثه مع "فلسطين"، أن المشكلة الأساسية لدى السلطة، أنها لا تملك بعد كل هذه السنوات العمل السياسي المنظم، والقائم على عدم وجود استراتيجية.

وبيّن أنه لا خيارات لدة السلطة إلا المسير في منظومة التنسيق الأمني والعودة للمفاوضات، فهي تعيش في مرحلة "الموت البطيء"، إذ إن الدعم الأوروبي تقلّص، إضافة إلى مساومتها من الاحتلال على أموال المقاصة مقابل تقديم تنازلات.

وأشار جرادات إلى أن تحركات السلطة تقتصر على التلويح باتخاذ خطوات "دون تنفيذ على الأرض الواقع"، مستدلًا بذلك من خطابات عباس في الأمم المتحدة خلال العامين الماضيين.

ورأى أن الانقسام السياسي المستمر شكّل سببًا رئيسًا في تدهور الحالة الفلسطينية، إضافة إلى عدم وجود رؤية استراتيجية واضحة لدى السلطة، وهو ما أوصل الشعب الفلسطيني لحالة الاقتتال الداخلي.

وبحسب جرادات فإن سياسات عباس خلقت حالة من الفلتان الأمني والفوضى وغياب المؤسسات والتشريعي وتفشي الفساد المرعب، مشيرًا إلى أن المستفيد الأول من الاقتتال الفلسطيني هو الاحتلال الإسرائيلي.

وبيّن جرادات أن عباس ينتهج سياسة "الشخص الواحد" القائمة على الديكتاتورية والتفرد بالقرارات، معتبرًا أن هذه الفكرة تقود المجتمعات إلى الدمار وعدم تحقيق أهداف الشعب وضمان الاستقرار.

وأكد أن هذه المنظومة لا تؤمن إلا بنفسها وكل ما تفعله من أجل بقائها على سدة الحكم وليس من أجل الشعب والوطن.

يذكر أن عباس يطرح منذ عام 1973 فكرة الحوار مع دولة الاحتلال، وبدأت الاتصالات فعليا عام 1974 في عواصم دولية عدة، ويفتخر بأنه لم يحمل السلاح ضد الاحتلال في حياته، وأمضى 48 عامًا حتى الآن في المفاوضات معه.