لم تكن الأردن الدولة العربية الوحيدة التي شاركت في تدريبات ومناورات مشتركة عسكرية مع (إسرائيل وأمريكا)، ولكن ربما كانت من أوائل الدول العربية، وقد كانت تهتم بالسرية وعدم الإعلان لتحافظ على مشاعر الرافضين لهذا التعاون مع العدو الصهيوني.
اليوم تعلن وسائل الإعلام مشاركة البحرين والإمارات مع البحرية الإسرائيلية والأمريكية في مناورة مشتركة وتدريبات في شمال البحر الأحمر. لم تعد السرية في المشاركة هدفا للدول العربية بعد أن ضمنت الأنظمة سكوت الشعب وصمته وقلة مبالاته بمثل هذه الأخبار. المشاركة تتم من خلال وسائل الإعلام وبث الصور وشرح التجارب المكتسبة، وكأن التدريبات تجري بين دول عربية شقيقة.
التدريبات المشتركة بين الدول المذكورة تحمل عنوان مواجهة البحرية الإيرانية، والمسيرات الإيرانية، وتأكيد جاهزية بحرية هذه الدول للتعامل مع احتمالات نشوب حرب. نحن العرب، أعني نحن الأنظمة العربية الحاكمة، نعلن صداقتنا لواشنطن، وصداقتنا لـ (تل أبيب)، وأننا ربما نكون حلفاء في مواجهة الخطر الإيراني في المنطقة.
المؤسف في القضية المذكورة ليست التدريبات في ذاتها، ولكن المؤسف هو سؤال المنطق: ما الذي حوّل دولة الاحتلال الصهيوني إلى حليف عربي، تجري مع الدول العربية تدريبات مشتركة؟ (إسرائيل) تحتل القدس، والضفة، وغزة، والجولان السوري، وتمتلك سلاحا نوويا هو تهديد حقيقي للدول العربية ودول المنطقة، فكيف تحول العدو إلى حليف تجاري، وحليف عسكري وأمني؟
ما من شك أن الفلسطيني يرغب أن يبتعد عن انتقاد الدول العربية، ويرى أن الأنسب له هو عدم التدخل في الشؤون العربية، وقرارات قادتها، ولكن المسألة هنا لا تحمل تدخلا، ولكن تحمل عتابا وربما تعجبا، كيف صار العدو، والمحتل حليفا؟ وقرارات الجامعة العربية تجرم الاحتلال وتدعو إلى تحرير الأراضي العربية المحتلة في عام ١٩٦٧م.
إن إبداء مشاعر الدهشة والاستغراب لا يعد تدخلا في شأن الإمارات أو البحرين، أو غيرهما، ولكن مشاركة العدو في تدريبات عسكرية فيه رسائل صادمة للأهداف الفلسطينية في تقرير المصير، وتجريم الاحتلال، وفيه إضعاف للموقف الفلسطيني.
يمكن لأي دولة أن تشارك في مناورات وتدريبات مع أمريكا، ودول الغرب، ولكن ثمة معضلة تستعصي على الفهم إذا كانت هذه المشاركة مع دولة (عدو) تحتل الأقصى والقدس، والأراضي العربية التي يقاتل الفلسطيني من أجل إزالة الاحتلال عنها.