فلسطين أون لاين

لو كان عرفات حيًّا

في الذكرى (١٧) لرحيل القائد ياسر عرفات أقول: إن الشعب الفلسطيني فقد قائدًا فلسطينيًّا كبيرًا، ولم يتمكن مَن جاؤوا بعده مِن تحديد كيف تمت عملية اغتياله، ومن الأطراف المشاركة في عملية الاغتيال، وبات ملف التحقيق في الاغتيال ملف رفٍّ لا يقدم ولا يؤخر.

نعم، أنشأت السلطة مؤسسة سمتها مؤسسة ياسر عرفات، بهدف تخليد ذكراه، وأعماله، ونشر رؤيته بين الأجيال، ولكن هذه المؤسسة التي احتفلت بذكراه السابعة عشرة لم تعد مؤسسة مستقلة وموحدة، إذ أقيل رئيسها ناصر القدوة لخلاف له مع محمود عباس، واستقال من مجلس أمنائها عمرو موسى وغيره، وباتت تحت سيطرة محمود عباس الذي عين لها رئيسًا جديدًا، ومجلس أمناء جديدًا، وبهذه التصرفات يمكن للمعارضين أن يقولوا إنها مؤسسة محمود عباس، وليست مؤسسة ياسر عرفات، لأن الحاضر فيها هو عباس وليس عرفات.

كان عرفات حريصًا في حياته على جمع الكل الفلسطيني، وكان يبادر بالحلول التي تُبقي الصف موحَّدًا، ولو من خلال تنازلات يقدمها للآخرين، وفي ظني أنه لو كان عرفات حيًّا لما طال عمر الانقسام بين غزة والضفة، ولبادر هو بجمع الفرقاء وإجراء مصالحة تضمد الجراح وتفتح صفحة جديدة بين فصائل العمل الإسلامي والوطني.

خسرت الساحة الفلسطينية عرفات، وخسرت الشخصية القادرة على المبادرة في جمع الصف، والمبادرة في مواجهة تعنت الاحتلال، لتحل محلها شخصية لا تبادر بمواجهة الاحتلال ورفضه لكل الحلول السياسية، ولا تبادر بالمصالحة وجمع الصف، وتتهرب من إصلاح مؤسسات السلطة، ومؤسسات منظمة التحرير.

لا أود الإغراق في الموازنة بين شخصيتين، وبين مرحلتين، ولكن أود أن أقول في ذكرى رحيل عرفات: إننا في حاجة ماسة لصف موحد، وانتخابات داخلية نزيهة تؤسس للإصلاح، كما نحن في حاجة لمواجهة وطنية مع المحتل ومع الاستيطان خصوصًا.

إن سياسة الانتظار التي يمارسها عباس في حين يلتهم الاستيطان ما تبقى من أرض الوطن، سياسة لا تلائم الفصائل الفلسطينية، ولا الشعب الفلسطيني، وإن غياب القرار والموقف من رفض الاحتلال للانسحاب ولقيام الدولة الفلسطينية لا يناسب الوطنية الفلسطينية التي ما فتئت تطالب السلطة بموقف وطني ذي مغزى، ولو بقلب الطاولة على الاحتلال.

إن تهديدات عباس وإمهال العدو عامًا لكي يتخذ موقفًا أصبحت محط سخرية داخلية وخارجية. الحالة الفلسطينية لا تحتمل التهديدات والتسويفات، وهي في حاجة لموقف عملي واضح ومحدد من الاحتلال والاستيطان. حين تتخذ السلطة موقفًا محددًا تكون قد أحيت ذكرى عرفات بشكل صحيح!