اجتازت حكومة بينيت امتحان الميزانية. تم التصديق عليها بالتزام جميع أعضاء الائتلاف التصديق عليها بنعم، رغم أنهم شركاء متشاكسون لا تجمعهم رؤية واحدة، ولا قيادة واحدة، حكومة الشركاء المتشاكسين فيها يمينيون متطرفون أمثال بينيت وحزبه، ويساريون يتحفظون على الاستيطان، وقائمة عباس العربية التي ترفض الاستيطان. ما يجمع الشركاء هو رغبتهم في التخلص من نتنياهو وتحكم الليكود.
تم إلقاء نتنياهو على كرسي المعارضة، وتمت عملية إقرار الميزانية وتلاشت التخوفات الي أحاطت بالإجراءات، وقررت إدارة بايدن إرسال سفيرها الجديد لدولة لاحتلال، لأنها رأت في إقرار الميزانية أنه ثمت استقرار في حكومة الشركاء.
هذه صورة لجوانب من المشهد الإسرائيلي، وما يهمني ليس المشهد، بل تداعيات إقرار الميزانية على الأوضاع الفلسطينية.
إقرار حكومة المتشاكسين الميزانية يعني أن بينيت والطرف اليميني في الحكومة سيعجل من إجراءات تكثيف الاستيطان في الضفة والقدس، لإحباط أي جهد فلسطيني أو دولي لإقامة دولة فلسطينية في نطاق ما يعرف بحل الدولتين. فبينت وحزبهم ممن يرفضون حل الدولتين، ويهاجمون المفاوضات حول قضايا الحل النهائي، وكان آخر تصريح له أمس الاثنين: لا نفاوض على إقامة دولة إرهابية داخل البلاد. وهم يرفضون أيضًا فتح قنصلية أمريكية في القدس لخدمة الفلسطينيين، ويطالبون بايدن بفتح مكتب شؤون قنصلية في رام الله.
ثمة تنافس بين تكتل مجموعة الليكود، ومجموعة اليمين في حكومة الشركاء المتشاكسين على توسيع الاستيطان، ودفن مشروع حل الدولتين، وهذا التنافس يجعل حياة الفلسطينيين أكثر صعوبة، ويجعل الوضع السياسي أمام السلطة أكثر تعقيدًا، ولا تكاد توجد خيارات للسلطة في مواجهة ما تفرضه حكومات الاحتلال من وقائع على الأرض وفي الميدان، ولا تجد السلطة يدا خارجية عربية أو دولية يمكن أن تساعدها أو تنقذ حل الدولتين.
أمام تآكل الخيارات يبقى مقترح حل السلطة، ومقترح سحب اعتراف المنظمة بدولة (إسرائيل) أمام جهة القرار في فلسطين. وفي ظني أن خيار الصمت ومواصلة إدارة الواقع القائم هو الكارثة بعينها يرتكبها الفلسطيني بحق نفسه وقضيته. الفلسطيني يقف على مفترق طريق معقد، وعليه أن يتخذ قرارا وطنيا مدروسا يعالج التعقيدات التي يفرضها الاحتلال، وتقوم عليها حكومة بينيت وشركائه. ويجدر عدم المراهنة على اليسار المشارك في حكومة بينيت، فاليسار لن يغامر بمصالحة من أجل السلطة، اليسار ضعيف والمراهنة عليه خاسرة، وكذا المراهنة على الصوت العربي في حكومة المتشاكسين هو رهان خاسر. نعم ، يجدر أن يكون رهان الفلسطيني على ذاته وقراره الوطني.