فلسطين أون لاين

لماذا يخاف الإسرائيليون من الحرب القادمة؟

تواصل المصادر الإعلامية الإسرائيلية نشر التقارير عن مناورات عسكرية يجريها الجيش الإسرائيلي على أربع جبهات، والهدف من هذه المناورات كما ذكرت القناة 12 العبرية هو: ممارسة سيناريوهات حرب متعددة الجبهات، تحاكي التعامل مع إطلاق آلاف الصواريخ والقذائف والطائرات المسيرة يوميًّا على الجبهة الداخلية، والعديد من الصواريخ الدقيقة التي ستضرب البنية التحتية كالكهرباء وخزانات المياه والغاز والوقود، وقواعد الجيش البرية والجوية، ومصانع الأمونيا والمؤسسات الحكومية، بالتزامن مع اندلاع أعمال عنف بين العرب واليهود في الداخل، وعرقلة عمل الشرطة.

إنها المرة الأولى التي يتدرب فيها الجيش الإسرائيلي على القتال ضد أربع جبهات، وهي:

أولًا: جبهة الشمال، ضد رجال حزب الله، إذ يتخوف العدو من انعكاس الأوضاع الداخلية في لبنان على الحدود، وللعدو تقدير مفزع عن قدرات حزب الله، ويضع سيناريو اقتحام الحدود على سلم الفرضيات، ولا يستبعد العدو أن تطال صواريخ حزب الله كل بقعة من أرض فلسطين، وفي هذه الحالة تكون الجبهة الداخلية كلها مكشوفة تمامًا، كما أكد ذلك الجنرال إتسحاق بريك، قائد الكليات العسكرية، إذ قال: إن الحرب المقبلة ستشهد إطلاق آلاف الصواريخ والطائرات دون طيار، تجاه الجبهة الداخلية الإسرائيلية، التي ستتكبد خسائر هائلة، وإن ما عاشه المستوطنون في الحروب السابقة لن يكون مشابهًا لما سيحدث في حال اندلعت الحرب على أكثر من جبهة.

ثانيًا: جبهة الجنوب، أرض غزة، وقد اكتشف العدو ضعفه بعد معركة سيف القدس، التي فاجأت بقدراتها تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، والتي حُملت المسؤولية عن فشل الجيش، وانحسار قوة الردع، لذلك أجرى الجيش الإسرائيلي 80 مناورة عسكرية في الأشهر الستة الأخيرة، وجرى خلالها تحصين مدينة عسقلان التي تبعد عن غزة مسافة 22 كليو مترًا، خشية اقتحامها من رجال غزة، وقد أجريت مناورات تحاكي إخلاء المستوطنات بالكامل، تحسبًا لاقتحام رجال المقاومة في غزة للجدار الإلكتروني بمركبات مفخخة، والاقتحام من خلال الإنزال البحري، أو من خلال الطائرات الشراعية، التي نراها بالعين المجردة، وهي تتدرب في سماء خان يونس وغزة، وقد أظهرت دراسة أجراها معهد دراسات الأمن القومي تل أبيب، أن 53% من الإسرائيليين قد تضاءل شعورهم بالأمن الشخصي بعد معركة سيف القدس.

ثالثًا: جبهة الوسط؛ أرض الضفة الغربية، إذ يتوقع الإسرائيليون انفجار الضفة الغربية في كل لحظة، وهناك علاقة وثيقة بين مزاج الشارع في الضفة الغربية والجبهتين الشمالية والجنوبية، فجبهة الوسط قادرة على شل عصب الأمن الإسرائيلي، وفي هذا المضمار يأخذ الإسرائيليون في الحسبان تحالف الجبهتين الشمالية والجنوبية، ويقدرون أن المعركة القادمة لن تكون على جبهة دون الأخرى، ولا سيما أن قوة غزة العسكرية مستمدة من الدعم الإيراني، ومن دعم حزب الله اللوجستي، وهذه حقائق يعرفها رجال المقاومة في غزة، ولا ينكرون فضل أهل الفضل، في هذا المجال، إن وحدة المعركة العسكرية بين جنوب لبنان وقطاع غزة، ستشعل مواجهات عنيفة في الضفة الغربية، وهذا ما يخيف جنرالات (إسرائيل)، ومنهم إتسحاق بريك، الذي قال: الجيش الإسرائيلي غير مستعد للحرب القادمة، والتي ستكون على أكثر من جبهة، وستكون خسائرها على الجبهة الداخلية الإسرائيلية كبيرة.

رابعًا: جبهة المدن المختلطة من الشمال إلى الجنوب، وقد أجرى العدو الإسرائيلي مناورات تحاكي قطع الطرق، والاشتباكات الداخلية، وتوقف الحياة الاقتصادية، وتعطل المرافق الحيوية داخل الدولة، إضافة إلى الكثير من التعقيدات الحياتية، كما ذكر ذلك الجنرال "ساجي باروخ"، قائد الفرع الجنوبي في القيادة الشمالية، قال: إن التحدي لـ(إسرائيل) هي الجبهة الشمالية، لكن الجيش الإسرائيلي يتوقع أن الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة تريد أن تتحدى (إسرائيل)، في مواجهة قريبة قادمة، إلى جانب التعقيدات في المدن المختلطة.

أربع جبهات عربية مفتوحة في أي مواجهة قادمة مع العدو الإسرائيلي، لذلك يجري العدو مناورات دفاعية، وهذه هي المرة الأولى التي يفكر فيها العدو الإسرائيلي في الدفاع عن نفسه من خلال تحصين جبهته الداخلية، فمع وجود الصواريخ بعيدة المدى، سقطت نظرية بن غورين عن نقل المعركة إلى الأراضي العربية، وانتهى زمن الاختراقات والانتصارات السهلة، وتجنيب حقول الإنتاج الإسرائيلي غبار المعركة، ولم يعد المستوطن آمنًا في بيته.

فهل (إسرائيل) مستعدة لمثل هذه الحرب؟ هل (إسرائيل) مستعدة للمغامرة، والتضحية بهيبتها العسكرية ومستقبلها؟ لتخوض حربًا لن تحقق من خلالها أي مكاسب عسكرية أو سياسية؟

أزعم أن تهديدات (إسرائيل) الجوفاء ضد إيران، وضد لبنان، وضد غزة والضفة بلا رصيد، وأزعم أن الهدف من مناورات (إسرائيل) على أربع جبهات هو إخافة العدو، وتجنب المواجهة؛ التي لن تخرج منها (إسرائيل) إلا خاسرة منهكة محطمة، رغم ما تمتلكه من قوة عدوانية فتاكة.