القدس كلمة السر ونقطة الالتقاء المركزية لفلسطين الشتات في كل مكان في العالم حيث الوحدة الجامعة فأولئك من أبناء الجيل الثالث لم يسكن فلسطين يومًا ولم يرَ القدس لحظة بل ولا يعرف لغة أهلها ولكنه توارث حبًّا فطريًّا مغروسًا في سويداء قلبه الذي تسكنه فلسطين والقدس. وهؤلاء الذين أعادت لهم سيف القدس أملًا متجددًا مع كل ملحمة نزال أسطوري تخوضها غزة بل أكثر من ذلك الـ14 مليون فلسطيني عيونهم ترحل كل يوم إلى القدس التي تسكنهم ولا يسكنونها.
الفلسطيني في الشتات حيث كان قدم نموذجًا متماسكًا في أبعاد مختلفة فقد تشبث بحقه في العودة حيث لم يرَ بديلًا عن فلسطين التي لم يعِشْ فيها ولكنها عاشت فيه، لذلك مارس النضال بالطريقة التي تلائم البيئة والقانون والثقافة والجغرافيا التي يحيا دون أن يتصارع معها أو ينسى بها أرض الأجداد. وكذا نقش اسمه في سجل الأوائل في ميادين شتى متفوقًا بالعلم والموهبة والإنجاز وتاركًا بصمة لا ينسى مفتخرًا بها أنها إهداء لفلسطين الأرض والإنسان التي يحب. وعاش في لجوئه منسجمًا مع المجتمع الذي يحيا معه بل ومؤثرًا فيه بحيث استطاع من خلال هذا المجتمع الغريب تشكيل مجموعات ضغط لصالح الحق الفلسطيني استطاعت في عدد من الدول إعادة رسم الصورة الذهنية التي شوهها الإعلام الصهيوني ليكتشف الكثير من شعوب العالم أنهم عاشوا مخدوعين بالبروباغندا اليهودية مكتشفين حجم الظلم الذي وقع على الفلسطيني.
فلسطينيو الشتات أعادوا الاعتبار لشكل العلاقة مع الوطن بأنه ليس مكان عيش وإنما عميق انتماء وأصالة عطاء وأن فلسطين محل اهتمام شخصي ومسؤولية فردية عبر منظومة عطاء جمعي. ومثَّل عالم الفضاء الواسع والانفتاح الكوني فرصة مهمة لعمل الفلسطيني حيث كان واللغة المعاصرة التي يتقنها لقضيته وأصبح عدد من أبناء الشتات الفلسطيني نجومًا في الدفاع عن قضيتهم.
تمثل القضايا الكبرى وخاصة القدس والمناسبات الكبيرة مثل النكبة نقطة التقاء حيوية لعمل فلسطين الخارج وبوابة للاجتماع عليها. ولعمل الدور الرئيس يشغل الرأي بال شتات شعبنا بسبل الإسناد لأهلنا في الداخل وخاصة في القدس وهذا الإسناد تعددت أشكاله خاصة الإغاثي والقانوني والسياسي.
وتمثل غزة بملاحمها المتصاعدة وخاصة مع سيف القدس وبعدها أيقونة نضال الفلسطيني الجامع للشتات الفلسطيني، إذ إنها تمنحها الطاقة والهوية وتصوب البوصلة نحو القدس مركزية الصراع وعنوان المعركة.
الشتات الفلسطيني اليوم بحاجة إلى كلمة سواء جامعة بعد الغياب القسري منذ جريمة أوسلو التي غيبت الشتات الفلسطيني عن الشراكة والنضال في المشروع الوطني، وهذا يستدعي تكاتف شتات فلسطين لاستعادة الدور المأمول. وما يستوجبه ذلك من تشكيل قيادة تمثلهم بعد حالة التغييب القسري، والمدخل الطبيعي لذلك الانتخابات أو التمثيل التوافقي بين الشتات في كل أماكن الوجود ليس على قاعدة الانتماء الفصائلي وإنما على أساس المشروع الوطني التحرري الذي بوصلته القدس والتوزيع النسبي الجغرافي.
بتقديري المزيد من الانتظار على قارعة قرار سياسي من فريق أوسلو لا يعطي الأمل بتنفيذ ذلك، فأهلنا في الشتات معقد أمل أن يعلقوا الجرس ويدقوا جدران الخزان.
"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا"