فلسطين أون لاين

​أم محمود الورديان تنتظر اكتمال نصاب فريقها الأسري

...
بيت لحم / غزة - أسماء صرصور

فريق كرة القدم لم يجتمع بأكمله على مائدة واحدة منذ ما يزيد على خمسة عشر عامًا، فإما يفرقه الأسر أو الدراسة، ورب الفريق الشيخ حسن الورديان ذاته له باع طويل متجدد في مقارعة الاحتلال منذ اثنين وثلاثين عامًا خلت.

تفاصيل كثيرة يتضمنها لقاء اليوم في زاوية "نشتاقهم"، في حديثنا مع أم محمود الورديان، زوجة القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس حسن الورديان المعتقل إداريًا لدى قوات الاحتلال هو وولداه محمود وأسيد، ويشار إلى أنه وولديه قضوا مدة اعتقالات تتراوح من ست سنوات إلى خمسة عشر عامًا متفرقة بين سجون الاحتلال الإسرائيلي وسجون السلطة الفلسطينية.

محشي الدوالي

تقول أم محمود: "لا يوجد أروع ولا أجمل من إعداد الطعام لعائلتي الكبيرة، فأنا لدي تسعة أولاد ومع زوجي نكمل أحد عشر فردًا في الأسرة"، فقلت لها ممازحة: "فريق كورة يا خالتو"، فضحكت ضحكة صافية حملتها أسلاك الهاتف وهي ترد: "الله يفتح عليكي يا خالتي فعلا فريق كورة، بس ما اجتمعنا من خمس عشرة سنة".

تتابع: "فريق الكورة هذا يا خالتي يساعدني دون أن أميز أن من يساعدني ابنة أو ابن أو حتى زوجي، فكلنا نجهز المائدة، هذا يفرشها، وهذا يحضر الصحون، وهذا يجهز العصائر، وهذا ينقل الطعام، ونجلس سويًا، وبعدها يقوم كل واحد بدوره في ترتيب ونقل الأواني إلى المطبخ، والمساعدة في الجلي وغيره".

هذه الحكايا الرائعة كانت قبيل أن يكبر الأولاد ويغدوا مطاردين من قوات الاحتلال الإسرائيلي والأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، فتقول أم محمود: "أول مرة تعرض فيها أبو محمود للاعتقال كانت قبل اثنين وثلاثين عامًا تقريبًا، اعتقل لمدة تسعة أشهر، ولم أكن أعرف أن هذه الحبسة ستجر معها معاناة طويلة لزوجي ومن بعده أولاده".

عن رمضان فريق الكرة، تقول: "كانت الحالة المادية لوالدهم جيدة، فيجهز لفريق الكرة طعامًا كثيرًا قبل أسبوع من بداية شهر رمضان"، تضحك وهي تتابع: "الناس يشترون كميات عادية من الجبنة والحلاوة، بينما يضطر أبو محمود لشراء الجبنة البيضاء بالقالب والحلاوة بالأرطال، والجبنة الصفراء بالكيلو جرامات"، وهي المكونات الرئيسة لوجبات السحور لجميع أفراد العائلة.

وماذا عن الطعام المفضل لهم؟ تستمر في نقل ضحكتها الرنانة والتي تدل على صبر وصمود أم محمود أمام كل ما مرت به حياتها، وهي تقول: "المحاشي وخاصة ورق الدوالي –محشي ورق العنب-، ولأن عدد أفراد العائلة كبير، أضطر للسهر قبل يوم وإكماله طيلة النهار، وأعدها في وعاء طهي يتسع لما يقارب من اثنين إلى ثلاثة كيلو جرامات من الأرز".

مناوبة للتراويح

وبطبيعة الحال المقلوبة أيضًا من الأكلات التي يحبها أفراد عائلتها، وفيما يتعلق بحلويات رمضان، فسيدة المائدة هي القطائف وتقريبًا يكفي أفراد العائلة إعداد كمية منها تصل إلى ثلاثة كيلوات حتى تكفيهم جميعًا منوعة ما بين الجبنة واللوز والجوز.

وتنوه إلى أن منازلهم مزودة بأضواء متعددة، يتم إضاءة منها ما يريدون على قدر الحاجة فقط، وفي المناسبات تضاء كل هذه الأضواء كنوع من الاحتفاء، لذا في رمضان يتم إنارتها كلها لإعطاء أجواء جميلة وسعيدة.

وأما عندما يحين وقت صلاة التراويح، تعمد العائلة إلى وضع جدول، ففيها من الصغار من لا يمكن اصطحابه للمسجد حتى لا يثير الفوضى ويزعج المصلين، فيكون الجدول مقسمًا على كبار العائلة، يكون اليوم الدور على فلان ليبقى، وغدًا على فلان، وهكذا بنظام المناوبة.

كل ما سبق كانت تعيشه أم محمود في كنف عائلتها، وهي تلتقط سنوات تحاول أن يكون فيها أولادها مجتمعين حولها، ويرافقهم زوجها، لكنها لا تزال مع كل هذا العمر تفتقد الشيخ حسن، كان يرفع عن كاهلها حمل التسوق، فخلال نصف ساعة فقط تكون كل طلباتها مجابة، بخلاف خروجها هي الآن وتسوقها وتعبها في الذهاب والإياب والشراء في مدة قد تصل إلى ثلاث ساعات.

في رمضان لهذا العام هي تفتقد وجود الشيخ حسن، وتفتقد محمود، وتفتقد أسيد، المعتقلين إداريًا دون تهمة محددة، وعلى ملفات سرية، فالشيخ حسن معتقل منذ ما يقارب الأربعة أشهر، وأسيد منذ شهرين، ومحمود منذ عام ونصف تقريبًا، ويبلغ ما قضوه داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية، فقد قضى الشيخ حسن من 13 إلى 14 عامًا، ومحمود من 14 إلى 15 عامًا، وأسيد ست سنوات.