هناك من يحاول قلب الحقائق وتصوير ما يحدث من ضغوط على الشعب الفلسطيني في أراضي السلطة الفلسطينية ومنها قطاع غزة أنه مؤامرة لإجبار الفلسطينيين على قبول الحل الإسرائيلي "الاقتصاد مقابل الأمن"، ومنهم من تجاوز حدوده بالادعاء أن هناك تضخيما مفتعلا ومقصودا للمعاناة التي يعيشها شعبنا في قطاع غزة، بل ويتساءل عن الثمن الذي ستدفعه المقاومة في غزة مقابل التسهيلات والبشريات لقطاع غزة التي زاد الحديث عنها في الأيام الأخيرة.
بداية وقبل كل شيء أطالب الوزير السابق في حكومة سلام فياض الذي سكن قطاع غزة بالاعتذار لأهلنا في القطاع، لأنه ينفي الواقع المرير الذي تعيشه غزة، فمهما تحدثنا عن معاناة غزة فإننا لن نعكس حقيقة مرارتها وصعوبتها، ثم يأتي أحدهم ليقول إن هناك تضخيما وتهويلا متعمدين للأوضاع في غزة من أجل تمرير مشروع من الجانب الفلسطيني يوافق مشروع "الاقتصاد مقابل الأمن" الإسرائيلي.
لا شك أن هناك آمالا كبيرة وبشريات بتغير الأوضاع في قطاع غزة، ولكن ليس كل ما يحققه الطرف الفلسطيني من مكاسب يكون ثمنا مسبقا لتنازلات يقدمها لعدوه، لا بد من التفريق بين المقاومة وفريق أوسلو، فالمقاومة لا تقدم تنازلات تتعلق بالثوابت وحقوق شعبنا، وما نسمع به من بشريات وقد نراها تتحقق في أي لحظة ليست ثمنا مسبقا تدفعه المقاومة أو شعبنا، بل هو جزء يسير من ثمن يدفعه العدو الإسرائيلي لخسارته في المعارك الأخيرة مع المقاومة، وخاصة في معركة سيف القدس. نحن لا نستطيع بث العزة في نفوس رضعت الهزيمة، ولكننا نحذر من الانخداع بتحليلاتهم السياسية المبنية على اليأس وفقدان الثقة بشعبنا ومقاومته.
نحن نرفض أي حلول سياسية فيها إضاعة للحقوق والثوابت الفلسطينية، وحل الدولتين هو أخطر مشروع على القضية الفلسطينية، وهو أكبر تنازل أُعلن عنه من جانب منظمة التحرير الفلسطينية، ولا يجوز بأي حال أن يكون الانتصار في سيف القدس مدخلا لتطبيق اتفاقية أوسلو والتنازل عن 78 % من الوطن، و84% من القدس، ولذلك فإن أي حل مرحلي يتحقق دون تقديم تنازلات أو إحياء أوسلو بعد الممات هو حل وطني بامتياز، ما دام فيه رفع الحصار عن قطاع غزة وعودة الحياة إلى طبيعتها، ولو تضمن قيام دولة فلسطينية على المناطق المحتلة عام 1967 على أساس وثيقة الوفاق الوطني التي ليس فيها اعتراف بشرعية الاحتلال على بقية الأراضي الفلسطينية.