توجد حالة من الانفلات المروري في قطاع غزة، فقواعد السير المتعارف عليها عالمياً لا يلتزمها سائقو غزة، وضوابط الحركة التي تؤمن سلامة المواطن، وتحفظ للمركبات صلاحيتها لا تطبق في غزة، حالة من الانفلات تؤكد أن قطاع غزة صار خارج المعادلة المرورية التي تضبط الحركة على الطرقات، وسأوثق حديثي بعدة أمثلة:
1ـ في كل دول العالم يقف السائق في نهاية الشارع على الكف، ويعطي حق الأولوية للسيارة التي في الدوران، إلا في قطاع غزة، على السائق الذي دخل الدوران أن يتوقف، ليأخذ حق الأولوية السائق الذي لا يلتزم الوقوفَ على الكف عند نهاية الشارع.
2ـ في غزة تدوي أبواق سيارات الإسعاف، ويبح صوتها، وهي تصرخ بأنين المريض، ومع ذلك تختنق الطريق، ويتعامل بعض السائقين مع الحدث بلا مبالاة.
3ـ في غزة حين تفتح الإشارة الخضراء لمرور السيارات، يبدأ بعض المارة في قطع الطريق.
4ـ في غزة يقف سائق الأجرة أينما أشار له الراكب، بغض النظر إن كان على مفرق الطرق، أو في وسط الشارع، ولا يهم سائق الأجرة إن أغلق كل الطرقات، وهو ينتظر وصول الراكب، ليصعد بهدوء وتأنٍ مع حاجاته.
5ـ في غزة سيطرت البسطات على الرصيف، واستحوذت السيارات الواقفة على الجانبين على نصف الطريق، ولم يبقَ للمشاة إلا وسط الشارع، يزاحمون السيارات المتحركة.
6ـ في غزة قل من يستخدم غمازات السيارات إذا اتجه يميناً أو يساراً، أما إذا أعطى السائق إشارة الاتجاه نحو اليمين، فقد يعمل العكس، ويتوجه إلى اليسار.
7ـ في غزة السماء ملبدة بطنين الزنانات، والأرض معبأة بزعيق الدراجات النارية المرعب والمخيف، الذي يستعرض به بعض الشباب مهاراتهم في السرعة.
8ـ في غزة ما زالت السيارات القديمة جداً جداً تتحرك على الطرقات، ولا يوجد شيء اسمه انتهاء الصلاحية.
9ـ في غزة لا تعرف أي السيارات أجرة؟ وأيها ملاكي؟ وأيها تجاري؟
10ـ صار من المألوف في غزة أن تسير المركبات التي تآكل ماتورها واهترأ، وصارت تأكل الزيت، وتنفث سمومها وسط الشارع دون نجاة لأي مواطن من التلوث.
11ـ في غزة يتحكم سائق الكارة والحمار بحركة الشارع، وللكارة والحمار حق الأولوية.
12ـ من قواعد المرور أن تسير الشاحنات ناحية اليمين من الشارع، وكذلك المركبات بطيئة الحركة والكارات والدراجات، وتترك جهة اليسار للمركبات الخفيفة والسريعة، إلا في غزة، يتحكم بالخط السريع كل متباطئ، وعلى من أراد أن يتجاوز من السائقين أن يأخذ اتجاه اليمين.
13ـ في غزة لا يستخدم السائقون الضوء المنخفض، كل السيارات تشعل الضوء العالي، دون الاهتمام بمصير السائق الذي يسير في الاتجاه الآخر.
14ـ في غزة يقف السائق بجوار كشك بيع السجائر، يبيع ويشتري، ويحاسب صاحب الكشك، دون أي اعتبار لعشرات السيارات التي توقفت في انتظار إتمام صفقة بيع سيجارتين.
15ـ في غزة يسير راكب الدراجة النارية و"التوكتوك" أحياناً في الاتجاه المعاكس للسير، وعلى الخط السريع، بلا خوف من تصادم، وبلا وجل من رجال الشرطة.
يقول الحكماء: كل مشكلة ولها حل، ويقول العاجزون: لا توجد حلول لمشكلات غزة، وأزعم أن في غزة حكماء، إذا طبقوا القانون فإنهم سيخدمون الغالبية العظمى من الناس، وهذا ما كان سائداً قبل وصول السلطة، حيث تميز زمن الاحتلال بالانضباط المروري، حين نجح ثلاثة ضباط شرطة فقط، مع سيارة مرور صغيرة في السيطرة على حركة المركبات، وفرضوا هيبة القانون بالملاحقة والمتابعة والمخالفة السريعة بكل حزم وانضباط.