فلسطين أون لاين

​أميرة: متى يتحرر زاهر من الأسر ليعطي نكهة لرمضاني؟!

...
الأسير زاهر خطاطبة يتوسط زملائه في السجن
نابلس / غزة - أسماء صرصور

أن تعيش في جوف الموت سبعة عشر عامًا متتالية من عمرك وزيادة لترى النور بعدها لا يعني سوى أمر واحد في فلسطين المحتلة، هذا يعني أنك كنت أسيرًا لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي، ومنّ الله عليك بعدها بالفرج، ولأنك في فلسطين وتحت سطوة الاحتلال عودتك إلى جوف الموت ليست إلا أمرًا عاديًّا جدًّا عرضة له كل مواطن.

"نشتاقهم" اليوم تضع رحالها في حوار هاتفي جمعنا بأميرة خضر خطاطبة زوجة الأسير زاهر خطاطبة، وزاهر هو محرر ضمن صفقة وفاء الأحرار في 18-10-2011م، التي أفرج الاحتلال الإسرائيلي فيها عما يقارب 1047 أسيرًا من سجونه، مقابل إفراج كتائب الشهيد عز الدين القسام لحركة المقاومة الإسلامية حماس عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وأعيد اعتقاله مجددًا في حزيران (يونيو) 2014م، ليكمل الآن عامه الحادي والعشرين في سجون الاحتلال.

رمضان وحيد معه

عن رمضانها الوحيد مع زاهر تقول أميرة: "أفتقده كثيرًا في رمضان وفي غير رمضان، زاهر كان يحب اللمة والجمعة في الشهر الفضيل، كل العائلة تفتقد تحضيراته لشهر رمضان واستعداداته له، أفتقد وجوده على المائدة ومساعدته لي".

تشير إلى أن إعادة اعتقال زاهر أثرت على أفراد العائلة جميعًا، فمع أن له أربعة إخوة غيره كانت والدته (رحمة الله عليها) تفتقده كثيرًا، لافتة إلى أنها عاشت معه سنة ونصف سنة قبيل اعتقاله مجددًا منذ ثلاث سنوات، وزرقت منه طفلة اسمها رهف، ستبلغ الرابعة من العمر قريبًا.

تتابع: "عاشرت زاهر في رمضان مرة واحدة فقط، لكن هذا الرمضان الرابع لي دونه"، مشيرة إلى أنه كان صعبًا عليه وعلى عائلته إعادة اعتقاله مجددًا بعد أن ذاق طعم الحرية، ولم يكن له أي نشاط يخرق بنود صفقة وفاء الأحرار، وتشدد على أن الاعتقال بحقه تعسفي 100%.

وتكمل: "بصراحة كلما حضر رمضان افتقدته، في العبادة أفتقده، في قراءة القرآن الكريم وختمته أفتقده"، تصمت قليلًا ثم تضيف: "إيه متى يطلع زاهر ويرجع مثل زمان؟!".

كانت أميرة ترافق زاهر للتحضير والتجهيز لموائد رمضان، وتزور معه والدته وإخوانه وأخواته، ويجهزان الولائم معًا، حتى مائدة الإفطار لابد أن تكون لمسته حاضرة فيها، "لم أشعر بالتعب عندما كان زاهر معي، بخلاف ما أشعر به الآن" تقول.

مازالت هي تذكر تفاصيلها مع زاهر في رمضان، فتضيف: "نجلس لقراءة القرآن الكريم حتى وقت السحور، وفي أوقات نتناول السحور مع عائلة زوجي، وأوقات أخرى نتناول السحور وحدنا، ثم نصلي الفجر ونتابع قراءة القرآن، وبعدها يذهب إلى عمله، وعندما يعود نجهز للإفطار".

كيف يمر رمضان دونه؟

وبعد الإفطار تخرج معه لزيارة الأقارب والأصدقاء ثم صلاة التراويح في المسجد، وتكون سهرتهم في بيت العائلة بعدها، مشيرة إلى أنها كانت تتحدث معه عن ذكرياته في السجن وكيف كان يقضي رمضان فيه، فيقول لها: "اللمة حلوة في رمضان في السجن بوجود أصحابي وأحبابي فيه"، ويتحسر كثيرًا على رفاقه الذين مازالوا في السجن، فتصفه أميرة بقولها: "إن كل من يذوق السجن ويحرم لقاء عائلته يخرج منه حنونًا جدًّا".

تستدرك بقولها: "رمضان الأول لي دونه كان صعبًا جدًّا، لم أكن أريد استقبال رمضان، قضيت رمضان كله في البكاء، وفي العيد لم أستطع احتمال مرور أي يوم من هذه الأيام لأن زاهر ليس معي".

وتبين أن شهر رمضان الثاني لها دون زاهر بدأت تتأقلم فيه رويدًا رويدًا على غيابه، وتقوم بالأشياء نفسها التي كان يحب القيام بها، فخرجت من المنزل لتزور عائلة زوجها، لتبدأ تأخذ دور زاهر في حياتهم فتجالسهم وتجتمع معهم وتتسامر معهم.

وتلفت إلى أنها تستمد قوتها من زاهر نفسه، فهو يشجعها ويتواصل معها ويمدها بالعزيمة والقوة، غير أنه الآن يمر رمضان على أميرة، التي تزوجت وهي بسن الرابعة والعشرين وتصغر زوجها بعشر سنوات كاملة؛ يمر عليها بشكل عادي جدًّا، دون أية نكهة أو طعم، فهي لا تشعر أنها تستقبل شهرًا فضيلًا وأيامًا مباركة في غياب زاهر عنها.