"المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وتشكل عقبة رئيسة أمام تحقيق حلّ الدولتين، والسلام العادل والدائم والشامل بين الطرفين. ولطالما أكد الاتحاد الأوربي أنه لن يعترف بأي تغييرات على حدود ما قبل عام ١٩٦٧م بما في ذلك ما يتعلق بالقدس، بخلاف تلك التي يتفق عليها الطرفان".. هذا جزء من بيان الاتحاد الأوربي الذي أدلى به الناطق الرسمي باسم الاتحاد الأوربي، ونشرته وسائل الإعلام في ٢٥/١٠/٢٠٢١م، وقد جاء البيان بعد طرح حكومة الاحتلال مناقصات لبناء أكثر من (١٣٠٠) وحدة استيطانية في الضفة، ومناقصة ثانية لبناء (٨٣) وحدة في مستوطنة (جفعات هاماتوس) في القدس الشرقية.
كيف ينظر الفلسطيني إلى هذا البيان ولأمثاله مما يصدر عن الاتحاد الأوربي، وعن البيت الأبيض أحيانا؟ النظر في هذا البيان وأمثاله له زوايا متعددة الرؤية:
الزاوية الأولى تقول إنه بيان جيد، وأن يصدر عن الاتحاد الأوربي جيد جدًّا، وأن يتضمن أن الاتحاد لا يعترف بالتغيرات التي تجري في الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧م من طرف واحد، هو إعادة تجديد للموقف الأوروبي التاريخي منذ عام ١٩٦٧م، وفيه تأكيد رسمي أن المستوطنات عمل غير مشروع بحسب القانون الدولي، ومن هذه الزاوية يمكن للفلسطيني أن يثني على هذا البيان، وأن يرحب به.
ومن زاوية ثانية يمكن للفلسطيني أن يتعجب ساخرا من هذا البيان وأمثاله، لأن الجهات التي أصدرته لم تقم بشيء عملي يترجم هذا الموقف، فلم يتخذ الاتحاد الأوربي أدنى عقوبة على حكومة الاحتلال لا على المستوى السياسي، ولا على المستوى الاقتصادي، وما زالت دولة الاحتلال أكبر شريك اقتصادي للاتحاد الأوربي في الشرق الأوسط.
ما أود قوله إن الاتحاد الأوربي يكيل بمكيالين في السياسة الخارجية، فحين انتقد الاتحاد الحالة الإيرانية، ووصف إيران بمخالفة القانون الدولي، ترجم موقفه السياسي لعقوبات قاسية ضد إيران، وهو حين ينتقد مخالفة دولة الاحتلال للقانون الدولي، ببناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية، يقف عند البيان، ولا يذهب إلى ترجمته لعقوبات، وعليه فإن حكومة الاحتلال لن تتأثر بالبيانات الورقية، وستمضي قدما في تنفيذ مشاريع الاستيطان الجديدة.
من ينظر من هذه الزاوية، وهي زاوية محترمة وذات مغزى، لا يلتفت كثيرًا لبيان الاتحاد، ويراه واحدًا من البيانات الورقية المتراكمة، التي لا تزيد ولا تنقص، وهذا الوضع السلبي يقول إنه ثمة مشكلة. وهذه المشكلة ترجع في نظرنا لأمرين:
الأول ضعف الأداء الفلسطيني في مواجهة الاستيطان مواجهة فعلية جادة وذات مغزى، على نحو يحرك العالم المنتقد للاستيطان. والثاني أن (إسرائيل) هي الابن المدلل عند الاتحاد الأوربي والبيت الأبيض، ومن ثم فالبيان الورقي في نظر الاتحاد كافٍ وكثير، إذ من العرب من لا يصدر حتى بيانا ورقيا، ويكتفي بالصمت. ولن يكون الاتحاد ملكا أكثر من الملك!